تنقسم المواد من حيث قابليتها للتوصيل الكهربائي إلى نوعين موصلات (نواقل) وعوازل؛ حيث تسمح الموصلات كالمعادن بمرور الإلكترونات فيها كما في حالة الفضة والنحاس بينما لا تستطيع الإلكترونات المرور في العوازل كالخشب والمطاط. لكن في بداية القرن العشرين ابتكر الفيزيائيون طرق متطورة لتبريد المعادن إلي درجة الصفر المطلق، حيث أجروا اختبارات عدة علي العديد من المعادن كالزئبق والرصاص ولاحظوا التغيرات التي طرأت على الناقلية الكهربائية لهذه المعادن؛ فاكتشفوا انعدام مقاومتها الكهربية عند درجة حرارة معينة، وقد اكتشف العلماء وجود هذه الخصائص عند إجرائهم الاختبارات علي السيراميك وأنابيب الكربون النانوية.وسنتطرق في هذه المقالة لخصائص تلك المواد فائقة التوصيل الكهربائي.

ما هو الموصل الفائق ؟

ببساطة هي المادّة التي توصل الكهرباء دون أيّة مقاومة، فعندما يمرّ التيّار الكهربائي في أغلب المواد المعدنيّة فإنّه يواجه مقاومة كهربائيّة ، ولكن إذا وضعَتْ هذه الموادّ تحت درجة حرارة معيّنة فستنعدم مقاومتها الكهربية، وتسمى درجة الحرارة في تلك الحالة بدرجة الحرارة الحديّة critical temperature.

الموصلات الفائقة
الموصلات الفائقة

وتُستخدم الموصلات الفائقة في مجالات عدّة كالتصوير بالرنين المغناطيسيّ والعلوم الطبيّة، ومع أنّ عمليّة تصنيع الموصلات الفائقة تحدث في مستويات طاقة وحرارة منخفضة إلّا أنّه تجري الآن العديد من الأبحاث لإيجاد مركبات يمكن أن تسلك سلوك الموصلات الفائقة عند درجات الحرارة العالية.

يمكن تقسيم الموصلات الفائقة إلى نوعَين يمتاز كلّ منهما بعدّة خصائص

أنواع الموصلات الفائقة
أنواع الموصلات الفائقة

النوع الأوّل:

يدخل هذا النوع في تركيب المكوّنات الأساسيّة في مختلف التطبيقات من الكابلات الكهربائيّة إلى الرقاقات الإلكترونيّة  microchips.  ما يعيب هذا النوع أنّه يفقد خواصّ التوصيل الفائق بسهولة عند وضعه في مجاله المغناطيسي الحدّي critical magnetic field، ولذلك يطلق على هذا النوع بالموصل اللينsoft superconductor، تتأثّر تلك الموصلات تأثراً كبيراً بظاهرة ميسنر (meissner effect) (ظاهرة طرد أو دفع حقل مغناطيسيّ لجسم ذي موصليّة فائقة)، ومن أمثلة هذا النوع الزنك والألومنيوم.

النوع الثاني:

يمتاز هذا النوع بصعوبة فقدِه لخواصّه التوصيليّة لو وُضع في مجال مغناطيسيّ، ونلاحظ ذلك عندما ندرس العلاقة البيانيّة بين مغناطيسيّة المادّة والمجال المغناطيسيّ المؤثّر عليها. وإذا تعرّضَتْ هذه الموادّ لمجال مغناطيسيّ ضعيف فبالكاد تتأثّر توصليتها، بينما إذا زادتْ شدّة المجال عن القيمة الحدّيّة فستفقد توصيلتها الفائقة على الفور، أمّا إذا كان المجال المغناطيسيّ وسطاً بين الحالتَين، فتصبح المادة في حالة وسطيّة تسمّى vortex state.

ويُطلق على هذا النوع بالموصل الصلبhard superconductor، وتتأثّر هذه الموصلات تأثُّراً طفيفاً بتأثير ميسنر، ومن أشهر أمثلتها : نترات النيوبيوم NbN و BaBi3، وتدخل هذه الموصلات في صناعة مغانط فائقة التوصيل والشدّة  لخصائصها المميّزة والفريدة

المواد فائقة التوصيل

توجد نسبة قليلة جدّاً من الموادّ تلقائيّة التوصيل، وباستثناء الزئبق فإنّ غالبيّة الموصلات الفائقة هي في الأساس معادن أو أشباه موصلات وضعت تحت التأثير الحراريّ المناسب.

وهنا تكمن المشكلة ؛ حيث يجب وضع هذه المعادن في درجة حرارة قريبة من الصفر، فما سنوفّره من الطاقة من انعدام المقاومة الكهربائية سنستهلكه في الحفاظ على درجة الحرارة المناسبة.

ولنقرب الصورة أكثر فإنّ محطات توزيع الكهرباء إلى المنازل تحتاج طاقة هائلة للتبريد حتى تعمل، فما بالك إذا أردنا تبرديها إلى درجة الحرارة الصفريّة.

خصائص الموصلات الفائقة

تمتاز الموصلات الفائقة بعدّة خصائص مكّنتها من ملائمة التطوّرات التكنولوجيّة المعاصرة، ومازالت تجري العديد من الأبحاث لاستغلال هذه الموادّ بالصورة الأمثل، وفيما يلي سنتعرف على بعض هذه الخصائص.

  • انعدام المقاومة الكهربائية :

إذا وضِعت المادّة تحت درجة الحرارة الانتقاليّةtransition temperature فستنعدم مقاومتها الكهربائية، فمثلا الزئبق يصبح موصلاً فائقاً إذا ما وضع تحت درجة حرارة 4 كلفن.

  • تأثير ميسنر

حيث لا تسمح المادّة فائقة التوصيل للمجال المغناطيسيٍّ بالمرور خلالها.

  • الحرارة الانتقاليّة

وهي درجة الحرارة التي تتحوّل عندها المادّة من الحالة العادية إلى حالة التوصيل الفائق ، وتُعرف أيضاً بدرجة الحرارة الحدّيّة.

  • تيّار جوزيفن Josephson Current

عند وضع شريحة رقيقة من مادة عازلة بين مادتَين من الموصلات الفائقة، فستتكوّن وصلة منخفضة المقاومة الكهربائية نتيجة تجمّع الإلكترونات بها على هيئة أزواج كوبر copper pairs. وحينئذ سيتمكّن تيّار كهربائي من المرور خلال المادة العازلة ويطلق عليه في هذه الحالة تيار جوزيفون.

  • التيار الحدّيّ Critical Current

عندما يمرّ تيّار كهربيّ في موصل فائق فإنّه يكوّن حوله مجالاً مغناطيسياً ، ولكن إذا زادت شدّة التيّار إلى قيمة التيّار الحدّي  فسيصبح هذا المجال قادراً على إزالة خاصيّة التوصيليّة الفائقة للمادة، فتعود إلى حالتها العاديّة

  • التيار المداوم persistent current

إذا وضعت حلقة ذات توصيليّة فائقة في مجال مغناطيسيّ وفي درجة حرارة أعلى من حرارتها الحدّيّة ، ثمّ خُفّضَتْ الحرارة إلى ما دون  الحرارة الحدّيّة ، ثم بعد ذلك أزلْنا ذلك المجال، فسيتولّد تيّار كهربائيّ نتيجة الحثّ الذاتيّ في الحلقة، وطبقاً لقاعدة لينز سيعاكس هذا التيّار التغيّر في الفيض المغناطيسيّ المسبّب له، ولانعدام المقاومة الكهربائية في الحلقة فسيستمرّ سريان التيّار في الحلقة إلى ما لانهاية، ولذلك يطلق عليه اسم التيّار المداوم، ويتولَّد عن هذا التيّار فيض مغناطيسيّ دائم يعبر خلال الحلقة.

 

عند مقارنة الموصلات الفائقة بأشباه الموصلات يمكن تلخيص النقاط كالآتي:

أشباه الموصلات الموصلات الفائقة
المقاومة الكهربائية محدودة لتدافع الإلكترونات بها منعدمة لتجاذب إلكتروناتها
Diamagnetism المغناطيسيّة المعاكسة سيّئة جيّدة
Energy gap فجوة الطاقة من  رتبة عدّة eV  من رتية  10-4 eV

 

استخدامات الموصلات الفائقة :

  • تدخل الموصلات الفائقة في صناعة المولّدات المحركّات، كما يتمّ استخدامها في صناعة مسرّعات الجزيئات particle accelerators ووسائل النقل.
  • يُعتمد عليها بصورة كبيرة في عملية التصوير بالرنين المغناطيسيّ MRI scanners.
  • تُستخدم لعزل المواد المغناطيسيّة عن المواد اللامغناطيسيّة.
  • تُستخدم في نقل الطاقة لمسافات بعيدة.
  • تدخل في صناعة ذاكرة الحاسب وعناصر التخزين الإلكترونيّة الأخرى.

أسئلة شائعة

  • لماذا يجب الاحتفاظ بالموصلات الفائقة في درجة حرارة منخفضة؟

ينتقل التيّار الكهربائيّ في الموصل من خلال تبادل الطاقة بين الإلكترونات ، فتزداد درجة حرارة المادة،  ومن ثمّ تزداد قوة جذب النواة للإلكترونات ، ممّا يؤدي إلى مقاومة المادّة لمرور التيّار، ولكن حين تبرد المادة تقلّ طاقة جذب الإلكترونات، فتسير في الموصل دون معاوقة

  • هل الذهب من الموصلات الفائقة؟

رغم  أنّ الذهب والفضة من أفضل الموصلات الكهربائية إلّا أنّه يتعذّر تحوّله إلى موصل فائق

  • هل بالإمكان تواجد موصلات فائقة في درجات حرارة الغرفة؟

يوجد بالفعل موادّ ذات توصليّة فائقة عند درجة حرارة 77 فهرنهايت

  • لمَ تنعدم المقاومة في الموصلات الفائقة؟

بسبب تذبذب واضطراب ذرّات المادة ،وعدم قدرتها على جذب الإلكترونات المارّة خلال الموصلات.

  • لماذا تتسم الموصلات الفائقة بخاصيّة diamagnetic

حيث لا يسمح الفيض المغناطيسيّ بالمرور خلال جزيئاتِها فتتنافر مع المجال المغناطيسيّ.

تناولنا في هذه المقالة لمحة مختصرة عن الموصلات الفائقة التي تسمح بمرور التيّار الكهربائي دون مقاومة كهربيّة، والآن السؤال لك عزيزي القارئ هل يمكن أن تذكر لنا بعض الموادّ ذات التوصيليّة الفائقة؟


المصدر:هنا
ترجمة:عبدالرحمن صابر, مراجعة:علي العلي, تدقيق لغوي:رنيم العلي, تصميم: علي العلي, تحرير:قحطان غانم