يعد التعلم الآلي (ML) مجالاً نامياً من الذكاء الصنعي والذي يكتسب شعبية في الأوساط الأكاديمية والصناعية وبين الصناع، وسنلقي نظرة على بعض الأدوات المتاحة للمساعدة في تسهيل التعلم الآلي، ولكن لنتعرف في البداية على بعض المصطلحات الشائعة  في التعلم الآلي.

يقدم جون مكارثي تعريفاً للذكاء الاصطناعي  (AI)في بحثه (ما هو الذكاء الاصطناعي؟) في جامعة ستانفورد لعام 2007، يقول فيه: “إن الذكاء الاصطناعي هو علم صناعة الآلات الذكية وهندستها، وخاصة برامج الكمبيوتر الذكية”. ولا يتوقف تعريف الذكاء عند هذا الحد، بل يشمل بحسب تعريف مكارثي: الجزء الحاسوبي من القدرة على تحقيق الأهداف في العالم، ومنه يمكن بسهولة تصنيف أي برنامج يحقق هدفاً ما على أنه ذكاء اصطناعي.

قدمت هيلين لي في مقالتها “تطبيق التعلم الآلي على المتحكمات الصغرية (الجزء 75 من مجلة ميك Make)” تعريفاً رائعاً للتعلم الآلي حيث قالت: “تخبر البرمجة التقليدية الحاسوب بوضوح بما يحتاج إلى القيام به باستخدام التعليمات البرمجية، ولكن باستخدام التعلم الآلي يجد الحاسوب حل مشكلة ما بناءً على الأمثلة التي نقدمها له”.

يعني هذا عملياً جمع البيانات أو العثور على مجموعة بيانات جاهزة لتدريب نموذج رياضي، ويشبه ذلك تدريب طفل على التعرف على الفرق بين الكلب والقط من الصور المختلفة.

 يعطي النموذج المدرَّب تنبؤات أو تصنيفات ناجحة عند تقديمه مع بيانات جديدة (لم يتدرب عليها النموذج مسبقاً) في عملية تسمى الاستدلال (inference)، وهي تشبه عرض صورة “قطة” جديدة على الطفل ومعرفة ما إذا كان يخمن بشكل صحيح.

يتطلب تدريب نموذج التعلم الآلي من الناحية العملية قدرات حسابية ورياضية أكثر تعقيداً مما يتطلبه الاستدلال، لذلك يُجرى التدريب غالباً على حواسيب ضخمة أو خوادم كبيرة، مما يمنح خيار إجراء الاستدلال على الأجهزة المدمجة الصغيرة باستخدام النموذج المدرب حديثاً، ويمكن نظرياً التدريب على متحكم صغري، لكن معظمها لا يمتلك الذاكرة وقوة الحوسبة اللازمة لإجراء العمليات الحسابية المطلوبة.

الشكل 1: (الذكاء الاصطناعي ومجموعاته الفرعية، مصدر الصورة: makezine)
الذكاء الاصطناعي ومجموعاته الفرعية، مصدر الصورة: makezine

نستنتج من الشكل السابق أن التعلم الآلي (Machine Learning) هو فرع من الذكاء الاصطناعي لأنه يحقق هدفاً ما، ولكن ليست كل برامج الذكاء الاصطناعي هي تعلم آلي.

يمكن أن تصادف مصطلح شائع آخر وهو  التعلم العميق (Deep Learning) الذي صاغته رينا ديشتر في ورقتها البحثية لعام 1986 حول خوارزميات التعلم الآلي حيث كتبت: “التعلم العميق هو استخدام نماذج التعلم الآلي الأكثر تعقيداً لتحقيق دقة أفضل، لذلك يعتبر التعلم العميق فرعاً من التعلم الآلي.”

الذكاء الصنعي: جمع البيانات

الذكاء الاصطناعي ومجموعاته الفرعية، مصدر الصورة: makezine
الذكاء الاصطناعي ومجموعاته الفرعية، مصدر الصورة: makezine

تعتبر عملية جمع البيانات للتدريب من أكبر العقبات في التعلم الآلي، ويسمى التدريب النموذجي على تعلم الآلة بالتعلم الخاضع للإشراف (Supervised Learning)، ويجب تنظيم مجموعة البيانات بعناية وذلك بتصنيف كل عينة يدوياً.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على علماء البيانات القضاء على أي تحيزات في مجموعة البيانات أو الحد منها، على سبيل المثال، يوضح الشكل السابق قرعاً للهالوين مفعل صوتياً بحيث يضحك ويومض كلما قال أحدهم كلمة “خدعة أو حلوة”، حيث درب النموذج عن طريق الخطأ باستخدام صوت واحد لذكر بالغ وصوت آخر لأنثى بالغة للتعرف على هذه العبارة، ونتج عن ذلك تحيز النموذج (Bias) تجاه أصوات البالغين حيث كانت القرعة غير قادرة على تصنيف أصوات الأطفال بشكل صحيح.

يعرف التحيز بما يتعلق بالإحصاءات والتعلم الآلي بأنه بعض الأخطاء أو التشويه الذي ينبع من التحليل الإحصائي أو تدريب النموذج، وتوضح قصة القرع نوعاً من تحيز الاختيار حيث لا تمثل البيانات المختارة المجتمع المقصود تحليله أو استخدامه للاستدلال، ويمكن أن يؤدي التحيز إلى تحريف النتائج والتفسيرات لذلك يمثل التحيز مصدر قلق كبير في الإحصاء والتعلم الآلي.

تكون مجموعات البيانات الجاهزة غالباً خاصة بمشكلة معينة أو ليس لها تطبيق حقيقي، على سبيل المثال، إذا شارك شخص ما مجموعة بيانات لتصنيف إيماءات الحركة، فستعتمد الحركات على نوع المستشعر المستخدم وموضعه؛ إذ تختلف البيانات التي جمعت من حركة التقطت باستخدام مستشعر متوضع في قفازات عن حركة مماثلة التقطت باستخدام مستشعر في نهاية عصا.

يمكن في البداية أن تساعد بعض مجموعات البيانات الجاهزة في البدء، وتستخدم مجموعة بيانات أوامر الكلام من غوغل Google بانتظام كأساس للعديد من مشاريع اكتشاف الكلمات الرئيسية، حيث تتكون مجموعة البيانات هذه من عشرات الكلمات المنطوقة التي تحتوي كل منها على أكثر من 1000 عينة صوتية مأخوذة من مكبرات صوت مختلفة، حيث تجمع عينات إضافية للكلمة الرئيسية أو العبارة المستهدفة، مثل “خدعة أو حلوى”، وتستخدم مجموعة البيانات الجاهزة لملء عينات للتسمية “غير المعروفة”.

 

مجموعة بيانات MNIST، مصدر الصورة: makezine
مجموعة بيانات MNIST، مصدر الصورة: makezine

تحتوي مجموعة بيانات MNIST على آلاف العينات من الأرقام المكتوبة بخط اليد من 0 إلى 9، حيث استخدمت هذه البيانات في أبحاث التعلم الآلي لعقود ويمكن أن تكون نقطة انطلاق رائعة لأنظمة التعرف الضوئي على المحارف (OCR)، وهو يعرف بأنه عملية تحويل العناوين المكتوبة بخط اليد إلى نص حاسوبي، على سبيل المثال، يساعد الخدمات البريدية على أتمتة أنظمة تسليم البريد.

يأتي TensorFlow أيضاً مع عدد من مجموعات البيانات، بما في ذلك عينات متنوعة من أصوات وصور ونصوص، وقد أنشئت معظم هذه المجموعات مع وضع التدريس والبحث في الاعتبار مثل MNIST، ونتيجة لذلك قد نرى استخداماً محدوداً لها في تطبيقات العالم الحقيقي.

صورة من موقع Kaggle، مصدر الصورة: makezine
صورة من موقع Kaggle، مصدر الصورة: makezine

يعرف Kaggle بأنه مجتمع من  باحثي ومستخدمي التعلم الآلي، ويشتهر باستضافة مسابقات متكررة تشجع المبرمجين على تقديم نماذج وخوارزميات فريدة للتعلم الآلي لمعالجة المشكلات الصعبة في العالم الحقيقي، حيث تتضمن معظم هذه المسابقات مجموعات بيانات جاهزة يمكن تنزيلها للتجريب حتى بعد انتهاء المنافسة، ويحمّل العديد من المستخدمين أخيراً مجموعات البيانات على GitHub.

تتطلب بعض هذه البيانات البحث عن تطبيق معين، لكن البعض الآخر، مثل Awesome Public Datasets repository، يوفر قائمة بمجموعات بيانات سهلة النقل.

 تأخذ بعض مجموعات البيانات بعين الاعتبار تطبيقات ML منخفضة التعقيد مثل أوامرGoogle Speech، وغالباً ما تكون هذه التطبيقات منخفضة التعقيد محجوزة للمتحكم الصغري، ويشار إليها باسم TinyML، ويمكن أن تستهلك مجموعات البيانات الأخرى واحد جيجا بايت مثل تلك المستخدمة في معالجة اللغة الطبيعية وعادة ما تكون محجوزة لتطبيقات التعلم الآلي الأكبر التي تعمل على الحواسيب أو الخوادم.

الأدوات التجارية في الذكاء الصنعي:

ساعدت بعض الأدوات والتطبيقات في جعل التدريب ونشر نماذج التعلم الآلي أسهل بكثير، حيث تعد لغة (Python) اللغة الفعلية لتنسيق مجموعات البيانات، وتحليل ميزات العينات، ونماذج التعلم الآلي التدريبي.

توجد العديد من الأنظمة المستخدمة لإنشاء نماذج التعلم الآلي واختبارها ونشرها أشهرها Google’s TensorFlow، حيث يعمل مع مجموعة متنوعة من اللغات، لكنه يستهدف على وجه التحديد الشبكات العصبية والتعلم العميق.

TensofFlow Lite، مصدر الصورة: makezine
TensofFlow Lite، مصدر الصورة: makezine

يعد TensorFlow Lite مجموعة فرعية من Tensorflow لنشر النماذج على الهواتف الذكية وأجهزة Linux المدمجة، مثل الراسبيري باي، حيث يحتوي على توابع ضرورية للاستدلال، ولكنها لا تستخدم للتدريب، ويوجد أيضاً TensorFlow Lite Micro ضمن هذا الإطار والذي يستهدف المتحكمات الصغرية، وتشمل أنظمة تطوير نماذج التعلم الآلي الأخرى:  Sci-Kit Learn وShogun وPytorchوCNTK وMXNet.

 تمتلك Apple نظام خاص بها يسمى Create ML  وهو يتيح تدريب النماذج ونماذج التعلم الآلي الخام، ويستعمل على MacOS و iOS وWatchOS وTVOS.

يوفر المحررون عبر الإنترنت مثل Google Colab واجهة تطوير وحزم تعلم آلي مثبتة مسبقاً مثل TensorFlow حيث توفر بيئة تعليمية رائعة للعمل مع التعلم الآلي، وخاصة لإنشاء نماذج TinyML لكنها قد لا تكون مثالية للتدريب والنشر على مستوى الإنتاج.

واجهة Edge Impulse، مصدر الصورة: makezine
واجهة Edge Impulse، مصدر الصورة: makezine

Edge Impulse: أداة رسومية عبر الإنترنت تساعد على تحليل الميزات واستخراجها من البيانات وتدريب نماذج التعلم الآلي وإنشاء مكتبات فعالة لإجراء الاستدلال على المتحكمات الصغرية.

Lebe.ai: أداة رسومية أخرى عبر الإنترنت تستخدم لتدريب نماذج التعلم الآلي حيث تركز على تصنيف الصور وتتيح تنزيل النماذج المدربة بعدة تنسيقات، بما في ذلك Core ML و TensorFlow و TensorFlow Lite.

قد تعمل هذه النماذج على أجهزة الكمبيوتر المفردة والهواتف الذكية، لكنها ستتطلب مزيداً من التحسين للعمل بشكل جيد على المتحكمات الصغرية.

واجهة Runway ML، مصدر الصورة: makezine
واجهة Runway ML، مصدر الصورة: makezine

 تعتبر Runway ML وTeachable Machine وV7 Labs من الأدوات  المشابهة لها.

واجهة Teachable Machine، مصدر الصورة: makezine
واجهة Teachable Machine، مصدر الصورة: makezine

تسهل هذه الخدمات إنشاء نماذج باستخدام التعلم الخاضع للإشراف لتصنيف الصور والفيديو والصوت.

واجهة V7 Labs، مصدر الصورة: makezine
واجهة V7 Labs، مصدر الصورة: makezine

تطبيقات التعلم الآلي المدمجة – الذكاء الصنعي

تعرف الأنظمة المدمجة بأنها أجهزة محوسبة تخدم بعض الأغراض المتخصصة، مثل الآلات الحاسبة المحمولة وأجهزة التحكم في أفران الميكروويف وأنظمة التحكم في إشارات المرور، وتكون مصممة عادة بحيث تكون سهلة التصنيع وغير مكلفة ومنخفضة الطاقة.

تشمل العلامات التجارية الشهيرة لصانعي الأنظمة المدمجة:

  • الأردوينو (لوحات متحكم صغري)
  • الراسبيري باي (حواسيب أحادية اللوحة)

قد يبدو تشغيل ML على هذه الأجهزة أمراً سخيفاً نظراً لأن العديد من خوارزميات التعلم الآلي مكلفة حسابياً، ومع ذلك يوجد العديد من الاستخدامات المحتملة لتعلم الآلة على الأنظمة المدمجة.

مكبر صوت ذكي من شركة أمازون، مصدر الصورة: makezine
مكبر صوت ذكي من شركة أمازون، مصدر الصورة: makezine

يعد اكتشاف كلمة التنبيه من الاستخدامات الشائعة للتعلم الآلي على المتحكمات الصغرية (TinyML) والذي يُعرف أيضًا باسم اكتشاف الكلمات الرئيسية، على سبيل المثال، عند قول كلمة”Alexa” أو ” Hey Siri”، فقد ينبض الهاتف أو يعمل مكبر الصوت الذكي ويكون مستعداً لتلقي تعليمات جديدة.

يستخدم مكبر الصوت الذكي نوعين من التعلم الآلي:

  • TinyML: يجري الاستدلال محلياً في المتحكم الصغري في مكبر الصوت للاستماع إلى كلمة التنبيه، حيث ينقل مكبر الصوت الكلمات التي التقطها إلى خادم متصل بالإنترنت بمجرد أن يسمع كلمة التنبيه لأداء عملية تعلم آلي أكثر تعقيداً تُعرف باسم معالجة اللغة الطبيعية NLP)) لمعرفة ماهية الطلب.
نظارات ذكية للمعاقين بصريًا، مصدر الصورة: makezine
نظارات ذكية للمعاقين بصريًا، مصدر الصورة: makezine

يمكننا استخدام التعلم الآلي لتغيير طريقة تفاعلنا مع الإلكترونيات بالإضافة إلى الكلام، على سبيل المثال، ابتكر المصنّعان سلمان فارس وسهيل جونيور نظارات ذكية للمعاقين بصرياً تلتقط صورة وتخبر مرتديها بما شاهده من خلال سماعات الرأس.

يمكننا أيضاً استخدام مستشعرات الحركة و TinyMLلاكتشاف الإيماءات وتصنيفها، مما يمنحنا القدرة على ترجمة لغة الإشارة أو تنفيذ حركات برسم الأشكال في الهواء باستخدام عصا.

تملك تقنية TinyML في مجالي الحكومة والشركات القدرة على استكمال النظم البيئية لإنترنت الأشياء، وتحتاج المستشعرات المتصلة بالشبكة باستخدام بنية التعلم الآلي التقليدية إلى بث البيانات مرة أخرى إلى خادم مركزي للتحليل والاستدلال.

يمكن أن تستهلك محاولة إرسال بيانات الصوت أو الصورة من عشرات أو مئات أجهزة الاستشعار إلى الخادم بسهولة كل النطاق الترددي المتاح في الشبكة، ولكن يمكننا جعل كل مستشعر يصنف الأنماط ويرسل النتائج النهائية إلى الخادم باستخدام التعلم الآلي المضمن وبالتالي تحرير النطاق الترددي للشبكة، على سبيل المثال، أعلنت شركة Prague Public Transit Company (DPP) عن شراكة معNeuron Soundware ومقرها التشيك لإنتاج مستشعرات صوتية تستمع إلى الأصوات التي يصدرها كل من السلالم المتحركة البالغ عددها 21 في نظام مترو Prague،  وتستخدم المستشعرات نماذج التعلم الآلي لتحديد الحالات الشاذة المحتملة أو أنماط الصوت غير العادية لتحديد ما إذا كانت أجزاء معينة في السلم المتحرك تتطلب صيانة، وهذا يشبه ما يقوم به ميكانيكي السيارات الذي يستمع إلى أصوات المحرك لتشخيص مشكلة ما.

جهاز Emotibit، مصدر الصورة: makezine
جهاز Emotibit، مصدر الصورة: makezine

يمكن أن يساعد التعلم الآلي في تصنيف أو تحديد الأنماط لأي نوع من البيانات تقريباً، ومنه يمكننا استخدام بيانات الحركة والبيانات الفيزيولوجية التي التقطت من أجهزة الاستشعار التي ترتدى على الجسم للمساعدة في التدريبات والتنبؤ بالمشكلات المحتملة، وبما أن وحدة GPS لا تحتاج إلى التعلم الآلي لإخبارنا إلى أي مدى ركضنا، فما الذي يمكننا استخدامه لتقييم تسديدة القفز في كرة السلة؟

 تملك عملية الجمع بين مستشعرات الحركة والتعلم الآلي القدرة على تقديم ردود في الوقت الحقيقي، ويمكن أن تحدد مجموعات المستشعرات مثل EmotiBit مستوى الإجهاد لدينا، حيث يمكن استخدام هذا النوع من البيانات إلى جانب التعلم الآلي لتصنيف حالتنا العاطفية الحالية أو توقع نوبات الهلع قبل حدوثها.

يعد بيتي وردن المطور الرئيسي لفريق Google TensorFlow Mobile والمنشئ لـ TensorFlow Lite Micro (إطار عمل شائع يستخدم في العديد من تطبيقات TinyML)وهو يوضح  استخداماً محتملاً آخر لـ TinyML وهو كاميرات منخفضة التكلفة مقترنة بالتعلم الآلي لقراءة المقاييس والشاشات القديمة. حيث ذكر في مقالته كيف عمل مع فرق متعددة لديها أجهزة قديمة يحتاجون إلى مراقبتها في بيئات متنوعة مثل مصافي النفط وحقول المحاصيل ومباني المكاتب والسيارات والمنازل، وكان الخيار الوحيد حتى الآن لتمكين المراقبة عن بعد وجمع البيانات هو استبدال النظام بالكامل بإصدار أكثر حداثة لأن بعض الأجهزة عمرها يصل لعقود، وكذلك يمكن استخدام الكاميرات المتصلة بالشبكة غير المكلفة كحل بديل لمراقبة مثل هذه الأجهزة دون الحاجة إلى استبدال النظام بالكامل.

مقياس، مصدر الصورة: makezine
مقياس، مصدر الصورة: makezine

أوضح جوزيف مولر جهاز قراءة المقاييس منخفض التكلفة الموضح في الشكل السابق، حيث استخدم ESP32 وكاميرا لقراءة الأرقام على عداد المياه والإبلاغ عن القياسات إلى الخادم.

تعد الرؤية الحاسوبية تطبيق شائع للتعلم الآلي، على سبيل المثال، يعد اكتشاف الأجسام على الطريق أمراً في غاية الأهمية للمركبات ذاتية القيادة، بالإضافة إلى إمكانية استخدامه للكشف عن وجود الأشخاص للتحكم في الأضواء وأنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء في مبنى المكاتب أو تحديد الدخلاء لنظام الأمان، ونحتاج إلى متحكم قوي أو كمبيوتر أحادي اللوحة للعديد من التطبيقات لأنه غالباً ما تكون عمليات تصنيف الصور واكتشاف الأشياء مكلفة حسابياً.

الذكاء الصنعي: متطلبات الطاقة ل TinyML

يتلخص التعلم الآلي عادةً في سلسلة من العمليات المعقدة على المصفوفات التي تعتمد على الرياضيات، ويمكن لكل متحكم وجهاز كمبيوتر أحادي اللوحة (single-board computer) تقريبًا إجراء عمليات حسابية أي أن الأنظمة المدمجة قادرة بشكل عام على التعلم الآلي.

تقدم بعض البنى ميزات تجعل هذه العمليات أسرع، مثل وحدات الفاصلة العائمة أو تعليمات مضاعفة – تراكمية خاصة، ومع ذلك غالباً ما يكون مصدر القلق الأكبر هو “هل يملك المعالج الطاقة الكافية؟”

مخطط الإرشادات الأساسية لمتطلبات السرعة والذاكرة لبعض تطبيقات التعلم الآلي، مصدر الصورة: makezine
مخطط الإرشادات الأساسية لمتطلبات السرعة والذاكرة لبعض تطبيقات التعلم الآلي، مصدر الصورة: makezine                                                                                         

تناقش هيلين لي متطلبات الحوسبة لـ TinyML في مقالها “تطبيق التعلم الآلي على المتحكمات الدقيقة”، حيث قالت: ” أحتاج أن يكون لدي معالج 32 بت على الأقل يعمل بسرعة 80 ميجاهرتز بذاكرة وصول عشوائي تصل إلى 50 كيلوبايت وذاكرة وميضية تصل إلى 100 كيلوبايت لفعل أي شيء مفيد مع التعلم الآلي.”

بالنظر إلى المخطط أعلاه، تأتي المواصفات الموصى بها من تجربة شخصية وقابلة للنقاش.

الحركة والمسافة: استخدام التعلم الآلي لتصنيف الإيماءات المختلفة أو إجراء الانحدار(regression) على سلسلة من قياسات المسافة يتطلب متحكماً منخفض الطاقة نسبياً، وتكون العينة غالباً عبارة عن قيم قليلة مأخوذة من جهاز استشعار بمعدل أقل من 1 كيلوهرتز.

المتحكم الذي اختاره لمثل هذا التطبيق هو ARM Cortex-M0+، مثل SAMD21 الموجود في Arduino Zero.

ومع ذلك نجح بعض المصنّعين في استخدام خوارزميات بسيطة للتعلم الآلي على متحكمات صغرية أقل قوة مثل ATmega328P (Arduino Uno) أو ATtiny85 الصغير.

الصوت: يتطلب تسجيل الأصوات وتحليلها معالجة أقوى، وتتراوح الترددات الصوتية البشرية القابلة للاستخدام بشكل عام بين 300 و3000 هرتز، ويحتاج الميكروفون الرقمي إلى أخذ عينات أكثر من ضعف هذا المعدل لإنشاء شكل موجة دقيق للصوت أي يجب أن تكون المعالجات قادرة على أخذ العينات بحد أدنى يساوي 6 كيلو هرتز، مما يساعد في تفسير سبب كون 8 كيلو هرتز معدل أخذ عينات صوتي قياسي، بينما يعمل  ARM Cortex-M0+ لتحليل الصوت، عادةً ما يستخدمARM Cortex-M4  بدلاً من ذلك لأداء الاستدلال باستخدام الأصوات الصوتية وغير الصوتية مثل الموجود في Arduino Nano 33 BLE Sense.

الرؤية: كان استخدام التعلم الآلي لتحليل وتصنيف الصور ومقاطع الفيديو في السابق يتطلب حواسيب أو خوادم قوية، لكن يمكن حالياً تشغيل تطبيقات مبسطة للاستدلال البصري على أنظمة مدمجة منخفضة الطاقة بفضل التطورات الحديثة في المتحكمات الصغرية ومكتبات التعلم الآلي، بينما يقومCortex-M0+ أو M4 بتشغيل تطبيق رؤية بسيط كتصنيف الأرقام المكتوبة بخط اليد.

وجدت هيلين أن هناك حاجة إلى معالجات أقوى للقيام بأي شيء يتجاوز ذلك، على سبيل المثال، يعد ARM Cortex-M7 الموجود على OpenMV Cam مكاناُ ممتازاً للبدء، حيث يستطيع تشغيل MicroPython وTensorFlow Lite لتصنيف الصور وإجراء كشف أساسي للأشياء، ونحتاج إلى استخدام أجهزة كمبيوتر صغيرة أحادية اللوحة كالراسبيري باي أو الهواتف الذكية أو أجهزة الحاسوب محمولة / المكتبية للحصول على دقة أعلى أو معدلات إطارات أسرع أو نماذج أكثر تعقيداً.

الذكاء الصنعي : البدء مع TinyML

قد يبدو الغوص في التعلم الآلي المضمن أمراً شاقاً، حيث تعتبر العمليات الحسابية الكامنة وراء العديد من خوارزميات التعلم الآلي معقدة للغاية، وغالباُ ما تكون القدرة على كتابة تعليمات برمجية فعالة مطلوبة لتشغيل مثل هذه الخوارزميات على أجهزة محدودة الموارد، ومع ذلك يمكن أن تساعد الأدوات المذكورة أعلاه في تسهيل العملية من خلال التعامل مع العديد من هذه التعقيدات نيابةً عنك، ويمكنك العثور أيضاً على العديد من الموارد لمساعدتك على تعلم كيف تصبح ممارساً لـ TinyML، مثل الدورات والكتب من Andrew Ng وPete Warden كما هو مذكور في مقالة Helen Leigh.

وصدرت مؤخراً دورة تدريبية على موقع Coursera كشراكة مع Edge Impulse بعنوان “مقدمة إلى التعلم الآلي المدمج”، وتعتبر هذه الدورة مكملة ل EdX TinyML، حيث توفر نظرة عامة أقصر وأوسع لمفاهيم التعلم الآلي المدمجة، بالإضافة إلى أنه يعتمد على أداة Edge Impulse للمشاريع العملية لتجنب الأخطاء في إصدارات TensorFlow Lite Micro والإعدادات والكود.

 يمكنك الاطلاع على موقع TinyML Foundation (مجتمع متزايد من المحترفين والباحثين والمتحمسين الذين يشاركون التطورات الجديدة في عالم التعلم الآلي المضمن)،ويستضيف الموقع منتديات ومؤتمرات سنوية ومحادثات افتراضية أسبوعية لأعضاء وباحثين بارزين.

تدخل أجهزة وبرامج وأدوات جديدة كل شهر إلى السوق  لإنشاء إلكترونيات أكثر ذكاءً، ويوفر اكتشاف العيوب والصيانة التنبؤية ملايين الدولارات التي تصرف على إصلاحات مكلفة للآلات.

يمكن أن يؤدي تصنيف الصوت واكتشاف الأشخاص إلى تمكين مجموعة جديدة من أجهزة إنترنت الأشياء التي تركز على الأمان، حيث من الممكن أن يساعد اكتشاف الحركة والأنماط الصوتية الباحثين في تتبع الحياة البرية، ويمكن أن تتخذ مشاريع Maker (نوع من التعلم القائم على المشاريع والذي يعتمد على خبرات التعلم العملي) أبعاداً جديدة  باستخدام القدرة على الاستجابة للإيماءات والأوامر الصوتية.

لا يزال التعلم الآلي المدمج في مراحله الأولى ويشبه إلى حد كبير بدايات الحوسبة الشخصية، لا أحد يعلم تماماُ إلى أين ستأخذنا هذه التكنولوجيا الجديدة، لكن الاحتمالات مثيرة.


المصدر: هنا.

ترجمة: إيليا سليمان ، مراجعة: يارا قاضون ، تصميم: علي العلي ، تدقيق لغوي: حنين غاليه ، تحرير: م.رؤى حمود