هل سبق لك أن وصلت مجفِّف الشعر وانقطع التيّار الكهربائيّ عن نصف منزلك فجأة، وبعدها ذهبت إلى لوحة التوزيع الكهربائي، والتي عادةً ما تكون خلف الباب أو في الطابق السفليّ، وبحثتَ عن القاطع الذي يبدو مختلفاً عن باقي القواطع، وعندما شغّلته عادت الكهرباء من جديد؟ من المؤكَّد أنّك علمت هنا أنَّ ليس بإمكانك تشغيل المجفّف في نفس الوقت مع كلّ الأجهزة الأخرى، ولكن لماذا؟ ما الذي تسبّب في حدوث ما سبق؟
السبب وراء ذلك هو فصل القاطع الكهربائي. سنتحدث في مقالنا الآتي عن القاطع الكهربائيّ Circuit) Breaker)، وسبب حاجتنا إليه، وآلية عمله.
أساسيّات القاطع الكهربائيّ:
توجد الأجهزة الكهربائيّة والمنزليّة والآلات في كلّ مكان من حولنا، والنقطة المشتركة بينها جميعها أنّها بحاجة إلى الطاقة الكهربائيّة للتشغيل. يمكننا رسم مخطّط الدارة الكهربائيّة بطريقة بسيطة على النحو التالي:
ينتقل التيّار الكهربائيّ من مصدر الطاقة عبر الأسلاك الناقلة إلى الجهاز الذي يحتاج الحمل، مثل المحرّك في مجفّف الشعر، ويعود إلى مصدر الطاقة مرّة أخرى.
القاطع الكهربائي:
يُعرف القاطع الكهربائيّ على أنّه جهاز كهروميكانيكيّ يُستخدم في لوحات التوزيع الكهربائيّة، ووظيفته حماية الأجهزة الكهربائيّة.
يعمل القاطع عن طريق قطع التيّار الكهربائيّ عندما يتجاوز حدود التصميم الخاصّة به، وبذلك يمنع تزويد الأحمال بالطاقة، ويحمي الدارة من التلف. أي إذا كان التيّار الكهربائيّ المزوّد من مصدر الطاقة إلى مجفّف الشعر أعلى من القيمة المحدّدة مسبقاً لقاطع الدارة الخاصّ بك، فسيُفصل القاطع، ممّا سيؤدّي إلى انقطاع التيّار الكهربائيّ.
مبدأ عمل القاطع الكهربائيّ:
يعمل القاطع الكهربائي مثل مفتاح أوتوماتيكيّ، فتُحدَّد قيمة تيّار أساسيّة له، وعند تجاوز هذه القيمة، تُفصَل الدارة الكهربائيّة التي رُكِّب فيها.
من المهم الإشارة إلى ضرورة تحديد كلّ من حجم الدارة الكهربائيّة ومكوّناتها تحديدًا صحيحًا وخاليًا من الأخطاء لضمان عمل القاطع الكهربائيّ بشكل صحيح.
اختراع المصهر (الفيوز):
عُرف أوّل جهاز يقطع التيّار الكهربائيّ منذ أكثر من مئة عام، وذلك في براءة اختراع قدَّمها توماس إديسون (Thomas Edison)، مخترع المصباح الكهربائيّ.
في ذلك الوقت، احتاج إديسون إلى وسيلة لحماية نظام الإضاءة الذي باعه للمدن الكبيرة، فاقترح جهازاً يحمي الشبكة، وسمّاه الفيوز (fuse)، وهو عبارة عن جهاز أمان يُستخدم للحماية من التيّار الزائد وقصر الدارة والأحمال الزائدة، ويتكوّن من أنبوب داخله سبيكة معدنيّة، وعادة ما تكون أسلاك تسخّن عند التحميل الزائد وتنكسر؛ ممّا يمنع حدوث دارات القصر.
عند حدوث هذا التسخين، تذوب السبيكة المعدنيّة الموجودة داخل الصمّام، ممّا يؤدّي إلى انقطاع التيّار الكهربائيّ عن الدارة، وليعمل مرّة أخرى، يجب استبدال الصمّام، ممّا يتسبّب في أعمال إضافيّة وتكاليف وانقطاعات غير ضروريّة.
تمكّن المخترع هوغو ستوتز (Hugo Stotz) من حلّ هذه المشكلة بعد أكثر من 40 عاماً.
اختراع القاطع الكهربائيّ:
عام 1923، أطلق ستوتز أوّل جهاز مدمج يجمع بين وظائف الحماية الحراريّة والمغناطيسيّة في السوق، وقد أُنتج في مانهايم في ألمانيا، وكان أوّل قاطع كهربائيّ تجاريّ.
عمل هو وفريقه على فكرة استبدال الفيوز، وطَوَّروا اختراعاً عبقريّاً، وهو عبارة عن جهاز يحتوي على مكوّن يتقلّص عند التسخين ويؤدّي إلى الفصل، ولكن يمكن إعادة تشغيله بعد أن يبرد. وهكذا وُلد القاطع الكهربائيّ.
منذ ذلك الحين، طَوّرت الشركات هذه التقنيّة باستمرار، ويوجد اليوم العديد من نماذج القواطع الكهربائيّة، مثل قاطع الدارة أحاديّ الأقطاب، وثنائيّ الأقطاب، وثلاثيّ الأقطاب، وحتّى قاطع الدارة رباعيّ الأقطاب.
تتوفّر القواطع بأشكال وأحجام عديدة من أجل الاستخدام في التطبيقات المختلفة، بدءاً من الأنظمة السكنيّة، وصولاً إلى الأنظمة الصناعيّة الكبيرة.
تصميم القاطع الكهربائيّ:
سنلقي نظرة على المقطع العرضيّ في القاطع الكهربائيّ الذي يُظهر الأجزاء الأساسيّة في القاطع وتصميمه؛ لفهم آليّة عمله.
يتكوّن القاطع الكهربائيّ الأساسيّ من:
1) نقطة توصيل.
2) اتّصال ثابت.
3) مشبك.
4) مفتاح بسيط.
5) مغناطيس كهربائيّ (ملفّ نحاسيّ).
6) (و/أو) مزدوجة حراريّة.
7) نقطة توصيل ثانية.
مبادئ الفصل والحماية في قواطع الدارات الكهربائيّة:
يحتوي قاطع الدارة هذا على مبدأي عمل مختلفين لحماية الدارة الكهربائيّة:
– حماية حراريّة: يؤدّي مبدأ العمل هذا إلى انقطاع التيّار في حالة السخونة الزائدة (مثل ذلك الذي استخدمه توماس إديسون).
– حماية كهرومغناطيسيّة: يسبّب مبدأ العمل هذا انقطاع التيّار نتيجة حدوث تماس كهربائيّ.
لنلقي نظرة على آليّة عملها:
عندما يكون القاطع في وضع التشغيل، يمكن للتيّار أن يتدفّق من نقطة التوصيل السفليّة عبر المزدوجة الحراريّة إلى ملفّ المغناطيس الكهربائيّ، ثمّ إلى الاتّصال المتحرّك عبر الاتّصال الثابت، وصولاً إلى نقطة التوصيل العلويّة.
- الحماية الحراريّة:
تحدث الحماية الحراريّة والكهرومغناطيسيّة في هذا القاطع بالتوازي على نفس المبدأ لتحريك وصلة التبديل (switching linkage).
بالنظر إلى الحماية الحراريّة، يُسخِّن التيّار المزدوجة الحراريّة، فإذا ارتفع تيّار الدارة عن مستوى معيّن، سيُثنى الشريط في المزدوجة، ممّا يؤدّي إلى تحريك وصلة التبديل، ومن ثمَّ الاتّصال المتحرّك، ممّا يؤدّي إلى قطع اتّصاله بجهة الاتّصال الثابتة، ممّا يتسبب في فصل الدارة.
الحماية من التماس الكهربائيّ:
تأتي الحماية الكهرومغناطيسيّة من ملفّ النحاس بالتوازي. يكون المغناطيس الكهربائيّ ممغنطًا عندما يتدفّق التيّار الكهربائيّ عبر المحطّات، وكلّما زاد التيّار، زادت القوّة الكهرومغناطيسيّة.
عندما يصل التيّار إلى مستويات غير آمنة أثناء التدفّق عبر هذا الملفّ، يصبح المغناطيس الكهربائيّ قويّاً بما فيه الكفاية لتحريك بكرة صغيرة داخله، ممّا يؤدّي أيضاً إلى تحريك وصلة التبديل، والاتّصال المتحرّك، ومن ثمّ فصل الدارة.
وعلى عكس الفيوز، يمكنك إعادة تشغيل القاطع الكهربائيّ بمجرّد معالجة المشكلات التي تسبّبت في فصله، وستُحمى الدارة مرّة أخرى.
يتوفّر العديد من قواطع الدارات الكهربائيّة الحديثة في السوق، ويمكن أن تكون هذه الأنواع أكثر دقّة، كما يمكنها الانطلاق بسرعات أعلى بكثير من غيرها، ولكنّها أغلى ثمناً.
الملخّص:
ملخّص ما تعلّمناه اليوم:
- يعدّ القاطع الكهربائيّ جهاز حماية، وتتمثّل وظيفته الأساسيّة في قطع التيّار خلال حالات الخلل أو الحمل الزائد لمنع حدوث أضرار شديدة.
- تأتي قواطع الدارات الكهربائيّة المستخدمة في أنظمة الطاقة بأنواع وأحجام عديدة للاستخدام في مجموعات متنوّعة من التطبيقات، بدءاً من الأنظمة السكنيّة، وصولاً إلى الأنظمة الصناعيّة والمرافق الكبيرة.
- يحتوي قاطع الدارة المصغَّر على حماية حراريّة تؤدّي إلى فصل الدارة في حالة الحرارة الزائدة، وحماية من التماس الكهربائيّ باستخدام المغناطيس.
- قواطع الدارة هي أجهزة أساسيّة في العالم الحديث، وهي ميزة أمان ضروريّة لمنزلك والعديد من التطبيقات الصناعيّة والمرافق الأخرى.
