ستتمكّن العديد من الشركات في غضون بضع سنوات فقط من ربط مصانعها بالكامل لاسلكيّاً وجعل إنتاجها أكثر كفاءة واستقلاليّة ومرونة من أيّ وقت مضى؛ بفضل شبكات الجيل الخامس المحليّة، حيث تتقدّم الاستعدادات لذلك بأقصى سرعة.ستقام على مدى السنوات القليلة المقبلة شبكات جيل خامس (5G) لاسلكيّة خاصّة بالمواقع الصناعيّة، حيث تحتاج الشركات إلى شبكات قويّة، وفائقة السرعة، وذات نطاق تردّديٍّ عالٍ.
سيتحكّم معيار الاتّصالات المتنقّلة الجديد في مئات الآلاف من الأجهزة لكلّ كيلومتر مربّع في الزمن الحقيقيّ، بدءاً من أنظمة التخزين المؤتمت وخطوط الإنتاج، وصولاً إلى الواقع المعزّز والروبوتات، حيث تختبر شركة Siemens في مركز اختبار السيّارات في نورمبرغ التطبيقات الصناعيّة في شبكة 5G خاصّةٍ ومستقلّةٍ طُوِّرت لاستخدام هذه التكنولوجيا في الصناعة، حيث رُكِّبت نماذجُ أوّليّةٌ لهذا النظام في المصانع الواقعة في Amberg وKarlsruhe.
سيكون بمقدور الأطراف المهتمّة عامَ 2022 اختبارُ تطبيقاتهم بسهولة بالغة في شبكة 5G خاصّة، حيث سيكون افتتاح 5G Smart Venue في هانوفر، وفي أكبر موقع للمعارض في العالم؛ ممّا يجعل هذا الموقع منطقة اختبار وعرض لاستخدام 5G في الصناعة.
تجذب تقنيّة 5G مستخدمي الهواتف الذكيّة بشكل واضح، فهي، على سبيل المثال، تتيح لهم مشاهدة مقاطع فيديو بدقّة 4K أينما أرادوا، ولكنّها أكثر أهمّيّة بالنسبة للصناعة؛ إذ تشكّل علامة فارقة في الطريق نحو Industry 4.0 (وهو التحوّل السيبرانيّ-الفيزيائيّ للتصنيع، ويشير إلى الثورة الصناعيّة الرابعة)، حيث تصبح المصانع الذكيّة أكثر مرونة وإنتاجيّة بفضل الرقمنة الشاملة وإنترنت الأشياء.
وتعدّ تقنيّة 5G أسرع بـ 10 إلى 20 مرّة من تقنيّة الجيل الرابع LTE)) حاليّاً، وتستهلك فقط واحداً من الألف من كمّيّة الطاقة لكلّ بت منقول.
يقول رئيس إدارة المنتجات للاتّصالات اللاسلكيّة الصناعيّة في شركة Siemens، ساندر روتمينسن: “تتيح الشبكات الخاصّة فرصاً لم تكن متخيَّلةً سابقاً للصناعة، وذلك من خلال فترات الاستجابة المنخفضة، والنطاقات التردّديّة العالية للغاية، والتحكّم في البيانات الخاصّة بالفرد، وفي أداء الشبكة”.
التعاون مع شركات الاتّصالات:
يجب إكمال عدّة مراحل في السنوات القادمة قبل أن تصبح الشبكات الخاصّة حقيقةً، وذلك وفقاً للجدول الزمنيّ المحدَّد، حيث أكملت ألمانيا المرحلة الأولى في آذار/مارس الماضي؛ إذ احتفظت BNetzA (وكالة الشبكة الفيدراليّة Bundesnetzagentur) بجزء من الطيف بين 3700 ميجاهرتز و3800 ميجاهرتز للشبكات المحلّيّة في الصناعة والمؤسّسات البحثيّة والزراعة، كجزء من مزاد تردّدات 5G لمشغّلي شبكات الهاتف المحمول.
يُعزى هذا النجاح إلى حدٍّ كبير إلى الدعم المقدَّم من شركة Siemens، وغيرها من الشركات والجمعيّات الصناعيّة المعروفة. ويعدّ نطاق التردّد هذا مثاليّاً للتطبيقات صغيرة الحجم، حيث يقول روتمينسين: “من المنطقيّ أن يكون للصناعة وصول مباشر إلى هذه التردّدات. نحن نعرف متطلّبات مصانعنا أفضل من أيّ شخص آخر، ومن المهمّ بالنسبة للصناعة في التحليل النهائيّ العمل بأكبر قدر ممكن من الكفاءة، وهو ما يعني أيضاً توفُّر أقصى قدر من البنية التحتيّة للشبكة”.
عروض إثبات المفهوم:
ليس من المستغرب أنّ شركات ألمانيّة مثل: Audi، وMercedes-Benz، وBASF، وحتّى Deutsche Messe AG، تستثمر بالفعل في 5G. كما تُوضع أسس شبكات الجيل الخامس الصناعيّة في أماكن أخرى. على سبيل المثال، تقدِّم مبادرة خدمة راديو النطاق العريض للمواطنين (CBRS) في الولايات المتحدة التردّدات بين 3550 ميجاهرتز و3700 ميجاهرتز للشبكات المحلّيّة. كما قد أعلن المكتب البريطانيّ للاتّصالات Ofcom في ورقة بحثيّة نُشرت في يونيو 2019 أنّه يخطط لتوفير نطاقات التردّد من 3.8 إلى 4.2 جيجاهرتز و1800 ميجاهرتز و2300 ميجاهرتز و26 جيجاهرتز للمشغّلين المحلّيّين.
ولكن، يجب تطوير معيار 5G بشكل أكبر لاستيعاب المتطلّبات الصناعيّة قبل أن تتمكّن الشركات الصناعيّة من العمل بهذه التردّدات، وستنجَز الخطوة الأولى في منتصف عام 2020 مع “الإصدار 16” من لجنة شبكة الهاتف المحمول الدوليّة (3GPP)، وهذا سيجعل البدء في تطوير الأجهزة (البنية التحتيّة ومحطّات مرافق الإنتاج المحلّيّة) ممكناً. وبمجرّد توضيح رسوم استخدام التردّد (وهي تفاصيل مهمّة مطلوبة للاستثمارات في تكنولوجيا 5G الصناعيّة)، لن يقف أيّ شيء في طريق العروض التوضيحيّة الأوّليّة لإثبات المفهوم.
استمرار تطوير الاتّصالات اللاسلكيّة:
تتيح الشبكات الخاصّة للشركات إمكانيّة تتبّع حركة مرور البيانات، وتخزينها، وتحليلها، والتحكّم بها، وتكوينها بمرونة وفقاً لتقديرها الخاصّ، وهذا يسمح لها بضمان السرعة والموثوقيّة التي تتطلّبها عمليّاتها (كلّ تسلسلاتها اللوجستيّة والإنتاجيّة)، حيث يقول روتمينسين: “سنختبر إمكانيّات الإصدار 16 الملموسة بمجرّد إصداره، ولكن من الواضح بالفعل أنّ 5G مثاليّة للشركات التي ترغب في تتبّع الإنتاج في الزمن الحقيقيّ، أو معالجة البيانات على حافّة شبكتها الخاصّة (Edge) دون الحاجة أوّلًا إلى إرسال كلّ شيء إلى السحابة”.
صحيح أنّ الاتّصال اللاسلكيّ في الصناعة ليس بالأمر الجديد، حيث تستخدم شركة Siemens بالاعتماد على RUGGEDCOM WIN (وهي أوّل مجموعة منتجات لاسلكيّة ذات نطاق عريض مثبّتة ميدانيّاً، ومصمّمة للشبكات الخاصّة) حلّاً لاسلكيّاً خاصّاً بتقنيّة WiMAX في مختلف القطاعات، لكنّ التركيز ينصبّ على بيئة الشبكة الذكيّة لمراقبة شبكات الطاقة والتحكّم بها، بالإضافة إلى وجود عدد قليل من شبكات LTE الخاصّة المعزولة، كما في المصانع والموانئ.
وقد استخدَمت شركة Siemens بنجاح شبكة WLAN صناعيّة للاتّصالات اللاسلكيّة في الصناعة لأكثر من 15 عاماً، وهي تفي بجميع المتطلبات الضروريّة، بما في ذلك السلامة اللاسلكيّة. وتخضع IWLAN، إلى جانب 5G الصناعيّة أيضاً، إلى مزيد من التطوير؛ لأنّ تردّدات الصناعة الخاصّة بـ 5G غير متوفّرة في كلّ مكان في العالم، ومع ذلك لا يقدّم أيّ من هذه الحلول أيّ تردّد قريب من نطاق خدمات 5G.
أهمّيّة إنشاء النطاق الخاصّ في جميع أنحاء العالم:
يعدّ إنشاء طيف خاصّ دوليّاً للتطبيقات المحلّيّة مهمّاً أيضاً في الطريق إلى تقنيّة الجيل الخامس الصناعيّة؛ فعندها فقط يمكِن استخدام التقنيّات القائمة على 5G بنجاح في الصناعة حول العالم.
ويقول روتمينسين: “قبل إطلاق أيّة شبكات صناعيّة محلّيّة، ستختبر شركة Siemens على نطاق واسع حلول شبكة 5G الصناعيّة”.
المصدر: هنا
ترجمة: أيليا سليمان، مراجعة : يارا قاضون، تدقيق لغوي: سلام احمد، تصميم: علي العلي، تحرير : حسين اسعد