هل يمكننا تخيّل تلفاز منحنٍ ذي دقّة عالية بسماكة ربع إنش و عرض 80 إنش، بالإضافة لاستهلاكه طاقة أقلّ من التلفاز العادي ويمكن لفّه عند عدم الاستعمال، ويمكن حمله لأي مكان؟ وماذا عن إمكانيّة امتلاك شاشة عرض (monitor) منسوجة مع ثيابنا؟ هل يبدو ذلك حقيقةً أم مجرد حلم؟ هذه الأجهزة ستتواجد في المستقبل القريب مستخدمةً التقنية الحديثة OLED.
OLED هي اختصار لـلديودات الباعثة للضّوء العضوية (Organic Light Emitting Diode)، وهي تكنولوجيا عرض مطوّرة حديثاً، فيها طبقة من مركّب عضوي يُصدر الضّوء عند مرور التيار الكهربائي خلاله، إلى جانب مزيج من الفلاتر ومحسّن لون لإنتاج صور بدقّة عالية، ويُغلّف بصفائح ذات أساس كربوني بين إلكترودين مشحونين تضمّ مهبطاً معدنيّاً ومصعداً شفّافاً، وتحيط الأشرطة ذات الأساس العضوي فجوة الطبقة الشفّافة وبداخلها الطبقة الباعثة وطبقة نقل الإلكترونات، وعند تطبيق التيّار الكهربائي على خلية الـ OLED تظهر الشحنات السالبة والموجبة ثانيةً في الطبقة الباعثة وتسبّب ضوء كهربائي ساطع.
تُعتبر شاشات الإظهار OLED أجهزة باعثة وتعمل على إصدار الضوء بدلاً من تعديل أو عكس الإضاءة، وبالرغم من أنّ الليد “LED” والليد العضوي “OLED” يَستخدمان تقنية الديود الباعث للضوء إلّا أنّ عمليّة التصميم مختلفة لكلّ منهما، حيث تستعمل شاشات الإظهار من نوع LED مصفوفةً من الليدات كإضاءة خلفية لشاشات الإظهارLCD التقليديّة، اما شاشات إظهار OLED تُنشئ الطبقة العضوية منبع ضوئ خاص لكلّ بكسلٍ مما ينتج عنه تحسّن في الوضوح ولون الصّور.
لمحة عن تكنولوجيا الـOLED:
أجهزة OLED مصنّعة من مواد ذات أساس كربوني عضوي، تصدر ضوء عند تطبيق التيار الكهربائي عليها، وهي أكثر فعاليّة وبساطة من حيث الاستعمال من شاشات LCD والتي لا تعتمد على إضاءة الخلفيّة ولا الفلاتر، وتؤمّن جودة صورة جيدة بوضوحٍ عالٍ، كذلك لها ميّزات لونيّة رائعة، كما تملك استجابة سريعة نسبياً ومعدّلاً أوسع من زوايا الرّؤية، وتستعمل أيضاً لصناعة أضواء الـ OLED.
نشأت هذه التكنولوجيا في بداية 1980، وطُوّرت بشكل كبير لتستبدل تقنيّة الـ LCD لأنّ تكنولوجيا الـOLED أكثر سطوعاً وأرقّ وأخفّ مقارنة بالـ LCD، وتستهلك طاقةً أقلّ من الـLCD وتوفّر ميّزات تباين أكبر، فالفائدة الأكثر اجتذاباً التي تملكها هذه التكنولوجيا بالنسبة للـ LCD هي أنّها أرخص في التّصنيع وبالتالي أكثر فعاليّة في التكلفة.
عمل الـ OLED:
تعمل تكنولوجيا الـOLED بمبدأ بسيطٍ جداً، فأينما طُبّق تيّار على الإلكترودات، فينشأ كنتيجة لذلك حقل كهربائي حولها، وتبدأ الشحنات بالتحرّك في الجهاز، ترحل الإلكترونات من المهبط وتتحرّك الفجوات من المصعد في الاتجاه العكسي، وتجذب القوة الإلكتروستاتيكية الإلكترونات والفجوات معاً ويشكّلان معاً فوتوناً، وهي حالة الترابط للإلكترون والفجوة، ويُنشئ هذا التغيير في مزيج الشحنات فوتوناً بتردّد معطى والذي تعطيه طاقة الفجوة، ويتشكّل بين مستويين أدنى مدار جزيئي غير مشغول(LUMO) وأعلى مدار جزيئي غير مشغول HUMO))، وتتحوّل الطاقة المطبّقة على الإلكترودات إلى الضوء الذي يشعّ إلى خارج الجهاز.
تُستعمل مواد مختلفة لإنتاج ألوان ضوء مختلفة، وتمتزج الألوان لتشكّل منبع ضوء أبيض، وبشكل عام تُصنع مادة المصعد من أوكسيد قصدير الإنديوم لأنّه شفّاف للضّوء المرئي وله تابع عمل (work function) مرتفع أي -تحتاج طاقة أكبر لنزع الإلكترون من سطح المادة-، وتساعد المادة لتحفيز حقن الفجوات إلى مستوى HUMO للطبقة العضوية، وتستعمل مواد كالباريوم والكالسيوم التي تمتلك تابع عمل منخفض بشكل شائع فهي تحفز حقن الالكترونات إلى مستوى LOMO للطبقة العضوية، وهذه المواد مطلوب تغليفها بمعادن كالألمنيوم لأنّها متفاعلة جداً في الطبيعة وتحتاج غالباً صفيحة حماية توضع عليها.
فوائد تكنولوجيا الـOLED:
فتحت تكنولوجيا الـOLED أبواباً واسعةً للعديد من الإنجازات والتطوّرات في مجال الآلة والأدوات والمعدّات الإلكترونية، وتقدّم الفوائد التالية:
- لا تستعِمل أيّة مادة سائلة، وتتكوّن من بنية صلبة ، ونتيجة لذلك تؤمّن مقاومة أفضل.
- يمكن مشاهدتها من أية زاوية ، وتعطي مدى واسعاً للتمتع بالمشهد، ورغم ذلك لا نشعر بأي تشوّه في الشاشة وأي تدني بالجودة.
- يمكن أن تملك سماكة قليلة بمقدار 1 mm وهي أقل من نصف سماكة شاشات الـLCD، ونتيجةً لذلك لها وزن أخف.
- زمن استجابة الـOLED هو 1/1000 من شاشات الـ LCD.
- يمكنها العمل في أدنى درجات الحرارة الممكنة التي تصل إلى أقل من -40 درجة.
- ذات تكلفة فعّالة كما تكون كلفة التصنيع مناسبة أيضاً.
- تعطي ضوءاً أكثر سطوعاً وتستهلك طاقة أقل.
- تؤمّن فعّالية أكبر ومنابع المنطقة تكون أكثر ضخامة.
- إظهار مرن وإرسال قابل للتوليف.
مساوئ تكنولوجيا الـOLED:
تملك تكنولوجيا الـOLED إلى جانب الفوائد التي لا تحصى بعضاً من العيوب والتي نذكر منها:
- أزمة صفاء اللون هي عيب في الجهاز حيث يصعب عليه عرض الألوان الزاهية والمشبعة.
- تتلف بسرعة عند تعرضها للماء.
- عدم إمكانيّة إنتاج أعداد ضخمة من الشاشات ذات الأحجام الكبيرة.
- عادة ما تأتي هذه التكنولوجيا بعمر حياة افتراضي يصل إلى 5000 ساعة ويعتبر أقل من أعمار شاشات الـLCD.
- أبرز سلبيات الـOLED أنّه لا يمكن رؤيتها في ضوء الشمس المباشر.
حاول المطوّرون إجراء تغييرات إيجابيّة لهذه المساوئ وبذلك قد نجحوا بتطوير ليدات عضوية تملك عمراً أطول، حيث أنّ الليدات العضوية الحمراء والخضراء لها عمرافتراضي يتراوح بين 46000 إلى 230000 ساعة، بينما الليدات الزرقاء لها عمر افتراضي بحوالي 14000 ساعة، وكما أُنتجت شرائح ضخمة من الليدات العضوية.
التحديات التي تواجه تكنولوجيا الـ:OLED
على الرغم من القفزة النوعية التي حققتها هذه التقنية الا أنه مازالت تعاني من عدة تحديات كما مبين أدناه :
- عمر المواد
- تراجع الاداء
- توازن اللون
- التضرر عند التعرض للماء
أحدث التطويرات على تقنية الـ OLED
تستعمل تكنولوجيا الليدات العضوية على مدى السنوات الأخيرة وتعتبر ناجحة وفقاً للدّراسة، وتعتبر شركة سامسونغ في طليعة المنتجين لشاشات الإظهار AMOLED (مصفوفة فعالة من الليدات العضوية)، وتصنّع أكثر من 200 مليون شاشة إظهار كلّ سنة، وهي على وشك توسيع قدرة التصنيع قريباً جداً، وتركّز في تصنيعها على شاشات الإظهار بمقاسات 5-10 إنش، وهو القياس المستخدم في شاشات الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية هذه الأيام.
تصنّع شركة LG أيضاً الليدات العضوية بشاشات إظهار ضخمة، فقد استعملت الليدات العضوية لإنتاج وحدات تلفازية بشاشات إظهار 55 إلى 77 إنش.
وحتى لو تمكّنت كلا الشركتين من إنتاج عدد كافٍ من الليدات العضوية كلّ عام، فلا يزال حجم الإنتاج بطيئاً نسبياً، وكما ذكرت كلا الشركتين عن توسيع قدراتها الإنتاجية، فتلك التوقعات لإنتاج ضخم من الليدات العضوية قد تحقّقت، ويتوقع العامة أيضاً إطلاق أي منتج جديد.