هل لاحظْتَ يوماً أنّ مصابيح إنارة الطرقات تعمل تلقائياً عند حلول الظّلام؟
يعود سبب عمل هذه المصابيح تلقائياً إلى وجود نوع خاصّ من المقاومات المتغيّرة في دارة المصباح، حيث يعتمد مبدأ عمل هذه المقاومة على شدة الإضاءة التي تُسلّط عليها، تدعى هذه المقاومة بالمقاومة الضوئية Photo-resistor، سنتطرق لبعض جوانب تلك المقاومة من خلال هذه المقالة.

ما هي المقاومة الضوئية؟

المقاومة الضوئيّة مشتقّة من الكلمتين “الفوتون” (جسيمات الضوء) و”المقاومة”، وبالتالي وبمعنى آخر يمكن القول بأنّ المقاومة الضوئيّة هي مقاومة تعتمد على شدّة الضوء، ولهذا السبب تُعرف أيضاً بالاختصار التالي: (LDR (Light Dependent Resistor التي تعتمد على الضّوء.

خلاصة القول يمكن تعريف المقاومة الضوئيّة بما يلي:

هي المقاومة المتغيّرة التي تتناسب قيمتها عكسياً مع شدّة الضّوء المسلّط عليها.

من البديهيات معرفتُنا بالعلاقة بين المقاومة (القدرة على مقاومة تدفّق الالكترونات) والناقليّة (القدرة على السماح بتدفّق الالكترونات) بأنّها علاقة قطبين متعاكستين، وبذلك يمكننا القول بأنّه تنخفض قيمة المقاومة عندما تزداد شدّة الضّوء، مما يعني زيادة الناقليّة بازدياد شدّة الضّوء الذي يسقط على المقاومة الضوئيّة (LDR)، وهذا ما يعبَّر عنه بخاصيّة تدعى بالناقلية الضوئيّة للمادّة، وبالتالي تعرَّف هذه المقاومات الضوئيّة باسم خلايا الناقليّة الضوئيّة أو باختصار الخلايا الضوئيّة.

تمّ تطوير فكرة المقاومة الضوئيّة عندما اكتُشفَت الناقليّة الضوئيّة في عنصر السيلينيوم (Selenium) من قبل العالم Willoughby Smith وذلك عام 1873، ومن خلال هذا الاكتشاف تمّ اختراع العديد من الأجهزة التي تعتمد في عملها على خاصيّة الناقليّة الضوئيّة.

                                                                   الشكل (1) مقاومة ضوئيّة

ما هو رمز المقاومة الضوئيّة؟

لتمثيل المقاومة الضوئيّة في مخطّطات الدّارات الالكترونيّة، تمّ استخدام  رمز يشير إلى خاصيّة الاعتماد على الضّوء إلى جانب أنّه عنصر مقاوم.

يرمز إلى المقاومة الضوئيّة في الغالب من خلال سهمين يشيران إلى المقاومة، في حين أنّ البعض يفضّل استخدام نفس الرمز السابق مع إضافة دائرة حول المقاومة كما يظهر في الشكل (2).

                                                     الشكل (2) رمز المقاومة الضوئيّة في الدارات الالكترونيّة

 

ما هو مبدأ عمل المقاومة الضوئيّة؟

لفهم مبدأ عمل المقاومة الضوئيّة، يجب توضيح مفهومي الكترونات التكافؤ والالكترونات الحرّة.

الكترونات التكافؤ: هي الالكترونات الموجودة على المدار الخارجي للذرّة (أبعد مدار عن الذرّة – الغلاف الخارجي للذرّة)، وبالتالي فهي الالكترونات الأقل ارتباطاً بنواة الذرّة هذا يعني أنّ هذه الالكترونات بحاجة إلى كميّة صغيرة من الطاقة لإخراجها من المدار الخارجيّ للذرّة، أما الإلكترونات الحرة: فهي الإلكترونات التي لا ترتبط بالنواة ممّا يعني أنّ هذه الإلكترونات حرّةً بالتحرّك عند تطبيق طاقةٍ خارجيةٍ مثل الحقل الكهربائيّ، وبعبارةٍ أخرى :عند اكتساب الكترونات التكافؤ لطاقةٍ خارجيّةٍ تجعلها قادرةً على الخروج من المدار الخارجيّ للنواة، فإنها تعمل كالكتروناتٍ حرّة، وتكون قادرةً على التحرّك عند تطبيق حقلٍ كهربائيّ، وفي هذه الحالة يتمّ استخدام الطاقة الضوئيّة لجعل الكترونات التكافؤ الكتروناتاً حرّةً.

يُعتبَر هذا المبدأ أساس عمل المقاومات الضوئيّة، حيث تمتصّ المقاومة الضوئيّة الضوءَ الساقط عليها ممّا يؤدي إلى تحوّل الكترونات التكافؤ إلى الكترونات حرّة، ويوضّح الشكل التالي تمثيلاً مصوّراً لمبدأ عمل المقاومة الضوئيّة.

                                                          الشكل (3) مبدأ عمل المقاومة الضوئيّة

مع ازدياد شدّة الإضاءة الساقطة على المقاومة الضوئيّة تزداد ناقليّة المادة، بالتالي يزداد عدد إلكترونات التكافؤ التي تكتسب طاقة وتغادر المدار الخارجيّ للنواة، هذا يؤدي إلى انتقال عددٍ كبيرٍ من الكترونات التكافؤ إلى حزمة الناقليّة وتصبح على استعدادٍ للحركة مع تطبيق قوّة خارجية مثل حقلٍ كهربائيٍّ، وهكذا ومع ازياد شدّة الإضاءة يزداد عدد الالكترونات الحرّة، وبالتالي زيادة الناقليّة الضوئيّة ونقصان المقاومة الضوئيّة.

الآن وبعد توضيح مبدأ العمل، علمنا أن المقاومة الضوئية تعتمد في بنيتها على مادةٍ تمتلك خاصية الناقلية الضوئية، وبالتالي نستنتج أنه يوجد نوعين من المقاومات الضوئية وفقاً لنوع المادة التي تصنع منها المقاومة.

ما هي أنواع المقاومة الضوئية؟

تتكون المقاومات الضوئيّة عموماً من مادة نصف ناقلة تُستخدم كعنصر مقاوم بدون وصلة PN، وهذا ما يجعل المقاومة الضوئيّة جهازاً غير فعاّل (الجهاز غير الفعّال هو الجهاز الذي لا يولّد طاقةً، ولكن يمكنه تخزينها أو تبديدها)، وكما أسلفنا سابقاً، تقسم المقاومات الضوئيّة لنوعين وفق المادة المصنوعة منها المقاومة وهما:

  • المقاومة الضوئيّة النقيّة Intrinsic Photoresistor: غالباً ما يشار إلى المادة النقيّة بأنّها مادّة نصف ناقلةٍ (شبه موصلة) خاليةٍ من أيّ شوائبٍ، وهذا يعني أنّ المادة ذات الناقليّة الضوئيّة المستخدمة في بناء هذه المقاومة الضوئيّة تعتمد على إعطاء طاقة خارجيّة لحوامل الشحنة لنقلها من حزمة التكافؤ إلى حزمة الناقليّة.
  • المقاومة الضوئيّة المشوبة Extrinsic Photoresistors: هي عبارة عن مادة نصف ناقلة نقيّة مضافاً إليها نسبة من الشوائب لتحسين كفاءتها، ويجب أن تكون هذه المواد الشائبة سطحيّة لا تتأيّن بسرعةٍ بوجود الضّوء، وبالتالي فإنّ المادة ذات الناقليّة الضوئيّة تعتمد على إثارة حوامل الشحنة بين المادة الشائبة وحزمة التكافؤ أو حزمة الناقليّة.

بعد توضيح آليّة عمل وأنواع المقاومة الضوئيّة، يتبادر إلى ذهننا السؤال التالي:

كيف يتمّ وصل المقاومة الضوئيّة ضمن دارة الكترونيّة بسيطة؟

يُظهر الشكل (4) دارةً بسيطة يَستخدِم فيها مقاومة ضوئيّة، تتضمن الدّارة منبع جهد كهربائي ّمستمرّ (بطارية) ومقاومة ضوئيّة ومصباح، ويساعدنا هذا النموذج في فهم سلوك المقاومة الضوئيّة عندما تتعرّض لحقلٍ كهربائيّ.

                                                       الشكل (4) كيفية وصل المقاومة الضوئيّة ضمن دارة الكترونيّة

نميّز حالتين لعمل المقاومة الضوئيّة:

  • الحالة الأولى: لا يوجد ضوء على المقاومة الضوئيّة

بمعنى آخر لا يوجد طاقةٌ لامتصاصها، وبالتالي لا يتمّ توليد إلكتروناتٍ حرّةٍ، وهذا يعني أنّه حتى بخضوع المقاومة الكهربائيّة لحقلٍ كهربائيٍّ فإنّه لا يوجد إلكتروناتٌ حرّةٌ لتتحرك وتؤدّي إلى تدفّق تيارٍ كهربائيّ في الدّارة، وفي هذه الحالة تكون مقاومة مرور التيار الكهربائيّ عاليةً، بمعنى آخر تكون قيمة المقاومة الضوئيّة مرتفعةً جداً، ونتيجة لذلك لن يضيء المصباح الموجود في الدارة.

  • الحالة الثانية: بوجد ضوء ساقط على المقاومة الضوئيّة

في هذه الحالة هناك فوتوناتٌ ساقطةٌ على المقاومة الضوئيّة، وبالتالي سيكون هناك امتصاصٌ للطاقة الضوئية الساقطة وتوليد إلكتروناتٍ حرّةً، وبتوصيل المقاومة الضوئيّة إلى منبع الجهد المستمرّ (البطارية) ستتحرّك الإلكترونات الحرّة تحت تأثير الحقل الكهربائيّ، وسيبدأ التيار الكهربائيّ بالتدفق عبر الدارة، وهنا تنخفض قيمة المقاومة الضوئيّة بشكل ملحوظ سانحة للتيار بالتدفّق عبر الدارة، وبالتالي سيضيء المصباح الموجود في الدارة.

ما هي استخدامات وتطبيقات المقاومة الضوئيّة؟

  • إنارة الطرقات بشكل تلقائي: يعدّ هذا التطبيق من أكثر تطبيقات المقاومة الضوئيّة التي نراها في حياتنا اليومية، كما أشرنا في المقدمة حيث تعمل المقاومة الضوئيّة المستخدمة في إنارة الشوارع عند حلول الظلام وتنطفئ في الصباح.
  • تُستخدم بعض أنواع المقاومات الضوئيّة في بعض السلع الاستهلاكية مثل مقياس شدّة الإضاءة في الكاميرا، والحسّاسات الضوئيّة كما في مشاريع الروبوتات والمذياع وغيرها.
  • تُستخدم في السيطرة على انخفاض الربح في الضواغط الديناميكيّة.

    المقاومة الضوئيّة باختصار:

     

  • فوتونات + مقاومة = مقاومة ضوئيّة، وهي عبارةٌ عن نوعٍ خاصٍّ من المقاومات المتغيرة، والتي تعتمد على شدة الإضاءة الساقطة عليها.
  • أسماء أخرى: موصل ضوئيّ – خلية ضوئيّة – مقاومة تعتمد على الضوء (LDR).
  • Willoughby Smith: هو العالم الذي اكتشف الناقليّة الضوئيّة في عنصر السيلينيوم (مادة نصف ناقلة).
  • البنية: مصنوعة من مادة نصف ناقلة حسّاسة للضوء ولا تمتلك أي وصلة PN.
  • مبدأ العمل: عندما يسقط الضوء على المادة الحسّاسة للضوء (أو المقاومة الضوئيّة)، تمتصّ الكترونات التكافؤ الطاقة الضوئيّة وتغادر المدار الخارجيّ للنواة وتصبح إلكترونات حرّة، وهذه الإلكترونات تؤدّي إلى تدفّق تيّار كهربائيّ تحت تأثير قوة خارجيّة كالحقل الكهربائيّ على سبيل المثال.

    التطبيقات:

أكثر التطبيقات الشائعة للمقاومة الضوئيّة هي الإنارة التلقائيّة للشوارع، وأيضاً في بعض السلع الاستهلاكيّة كما في مقياس شدّة الإضاءة وحسّاس الضّوء وغيرها.


المصدر: من هنا 
ترجمة: عبدالله الفارس , تدقيق: محمد مرتكوش , تدقيق لغوي: مي همدر , تصميم: وليد برهوم , تحرير: قحطان غانم