حَقّق المجهود الناتج عن تعاون جامعة قرطبة ومعهد ماكس بلانك الألماني لأبحاث الحالة الصلبة تقدُّماً في مجال تصميم بطّاريّات شمسيّة مصنوعة من مادّة غير سامّة سهلة التصنيع، ومتوفِّرة بكثرة، ومكوَّنة من نتريد الكربون ثنائيّ الأبعاد (مادّة رقيقة ثنائيّة الأبعاد، وتتركّب من ذرّات من الكربون والنتروجين وفق بنية محدَّدة)؛ إذ نلحظ حاليّاً ازدهاراً في مجال الطاقة الشمسيّة، وتطوّرًا في قدرة تلك التقنيّات على امتصاص أكبر قدر ممكن من الضوء لتحويله إلى طاقة كهربائيّة تلبّي احتياجاتنا، وهذا ما يشكّل أحد أسس التحوّل البيئيّ لاستخدامات أكثر استدامة لمصادر الطاقة.

يؤدّي تخزين تلك الطاقة دوراً مهمّاً في المرحلة ما بين جمع الضوء من خلال الخليّة الشمسيّة واستخدام الطاقة عند الحاجة، كما في الأجهزة المنزليّة. ويعود هذا الدور إلى الانقطاعات الدوريّة للطاقة الشمسيّة وعدم توفّرها على مدار اليوم. ولهذا، ولتسهيل عمليّة التخزين، وللتعامل مع مشاكل عديدة، مثل الآثار البيئيّة الناجمة عن استخراج المواد اللازمة لصنع البطّاريّات التقليديّة (مثل بطّاريّات الليثيوم) وإعادة تدويرها، وبسبب ندرتها؛ وُلد مفهوم البطّاريّات الشمسيّة، فهي تدمج بين الخلايا الشمسيّة التي تمتصّ الضوء وعمليّة تخزين الطاقة الناتجة عنه، والتي يمكن استخدامها لاحقاً عند الحاجة.

أجرى ألبرتو جيمينيز سولانو Alberto Jiménez-Solano (باحث في قسم الفيزياء في جامعة قرطبة) بالتعاون مع فريق من معهد ماكس بلانك لأبحاث الحالة الصلبة (الواقع في شتوتغارت في ألمانيا) دراسةً استكشف فيها خصائص تصميم بطّاريّة شمسيّة مصنوعة من مادّة مكوّنة من نتريد الكربون ثنائيّ الأبعاد، ووضَّح قائلاً: “تمكَّنتْ مجموعة البروفيسورة بيتينا في لوتش Bettina V. Lotsch في معهد ماكس بلانك من صنع مادّة قادرة على امتصاص الضوء وتخزين تلك الطاقة للاستخدام في وقت لاحق عند الحاجة، وتبادر إلى ذهننا فكرة استخدامها في إنشاء بطّاريّة شمسيّة”.

ولتنفيذ ذلك، اضطرّ الفريق في البداية إلى إيجاد طريقة لترسيب طبقة رقيقة من مادة نتريد كربونيد البوتاسيوم ثنائيّ الأبعاد (أو بولي هبتازين إميد K-PHI) لتشكيل بنية مستقرّة لبدء تصنيع جهاز كهروضوئيّ؛ بما أنّ تلك المادة عادةً ما تكون في شكل مسحوق أو في المعلقات المائيّة للجسيمات النانويّة، ممّا أتاح للفريق تقديم تصميم بطّاريّة شمسيّة بالجمع بين المحاكاة الضوئيّة والتجارب الكهروكيميائيّة الضوئيّة، وبالتالي شرح خصائص الأداء العالي لهذا الجهاز في استيعاب أشعّة الشمس وتخزين الطاقة.

وصف ألبرتو الهيكل الفيزيائيّ للجهاز بأنّه يتكوّن من زجاج عالي الشفافيّة، يحتوي على طبقة خارجيّة موصلة شفّافة (للسماح بنقل الطاقة الكهربائيّة)، وعدّة طبقات لموادّ شبه شفّافة (ذات وظائف مختلفة)، وزجاج موصل آخر يغلق الدارة، أي أنّه يشبه الشطيرة؛ إذ يتكوّن من طبقات مختلفة بسماكات محدّدة ومدروسة لزيادة مستوى امتصاص الضوء والتخزين. وبالتالي، وبما أنّ النظام المُقترح شبه شفاف، فبإمكانه امتصاص الضوء من الجانبين.

أيضاً، وجدوا أنّ للإضاءة الخلفيّة للجهاز بعض المزايا، وهو أمر تمكّنوا من توضيحه من خلال إنشاء تصميم نظريّ أوّليّ وفقًا للقيود التجريبيّة، فهذا المشروع العلميّ لن يبقى نظريّاً على الورق، بل سيتطلّع أيضًا إلى استكشاف الحدود التجريبيّة، وتقديم تصاميم عمليّة لهذه البطّاريّات الشمسيّة. وسيتميّز هذا الجهاز بمرونة عالية؛ إذ إنّه يؤمّن دفعة تيّار كهربائيّ عاليّة (مثل التي يحتاجها فلاش التصوير الفوتوغرافيّ)، وتيّارًا كهربائيًاّ أصغر يمكن تخزينه لمدّة من الزمن (مثل الذي يحتاجه الهاتف المحمول).

ختاماً، يوضّح المشروع أداء هذا الجهاز المصنوع من مادّة غير ضارّة متوفّرة بكثرة، ومستدامة بيئيّاً، وسهلة التصنيع، ومستخلصة من اليوريا. وتشمل الخطوات التالية للمشروع مواصلة دراسة عمل الجهاز في مختلف الظروف والبيئات خارج المختبر، وتعديله ليوافق مختلف إمكانيّات التصنيع والاحتياجات.


ترجمة:جعفر علي
مراجعة:آلاء محمد آغا
تدقيق لغوي:سلام أحمد
تحرير:محمد حنان