تقنيات حسّاس الحرارة
اُخترعَت على مرّ السّنين تقنيّات مختلفة لقياس درجة الحرارة مناسبة لتطبيقات محدّدة. ولكن لماذا تّقنيات مُختلفة؟
ذلك لأنّ كلّ تطبيق وتبعًا لحالات محدّدة يَفرض تقنيّة أفضل من التقنيّات الأخرى، كما أنّه لا يوجد طريقة فريدة مناسبة لكلّ التّطبيقات.
من المُرجَّح أنّك سمعت بـ تقنيّات مثل “RTD”، والمزدوجات الحراريّة “Thermocouple”، والمقاومة الحراريّة “Thermistor”، وأشباه الموصلات “Semiconductor”، وغيرها الكثير والّتي سنتعرف عليها تالياً.

(Temperature Transmitter) ناقل الحرارة
بشكلٍ عام؛ الحسّاس عبارة عن جهاز فيزيائيّ لديه القدرة على تحويل أحد أنواع متغيّرات العمليّة إلى شكل إشارة مناسب، وستضّح الصورة بالمثال التالي، فالحرارة والضّغط والتدفق هي بعض من متغيّرات العمليّة وتمثل خصائص فيزيائيّة من عالمنا الحقيقيّ، بسبب التكنولوجيا الحديثة والتقدّم الهائل في الهندسة الكهربائيّة في القرن الماضي؛ نسعى لتحويل كل متغيّر قابل للقياس إلى إشارة كهربائيّة، وبالتالي فإنّ حسّاس الحرارة هو الجهاز الذي يقوم بتحويل الحرارة إلى إشارة كهربائيّة، وذلك بغض النّظر عن ضآلة مقدار هذه الإشارة.

اتخذنا حتى الآن الخطوة الأولى والكبيرة، وهي تحويل الحرارة إلى إشارة كهربائيّة. الآن سننتقل إلى الإشارة الكهربائيّة بحدّ ذاتها.
اعتمادًا على تقنيّات التحسّس المختلفة فإنّ قيم الإشارة الكهربائيّة ستتراوح بين مجالات مختلفة، لكن في التطبيقات الصّناعيّة فإنّ قيم الإشارة يجب ألّا تتجاوز حدود مجالات معيّنة محدّدة عالمياً، وبعض مجالات القيم المُتفق عليها عالمياً هي:
• من 4 وحتى 20 ميلي أمبير (4-20 mA).
• من 1 وحتى 5 فولت (1-5 v).
• من صفر وحتى 10 فولت (0-10 v).
بالتالي ناقل الحرارة هو الجهاز الذي يحوّل القيم الصغيرة من خرج حسّاس الحرارة إلى إحدى مجالات الإشارة المعياريّة الآنفة الذّكر.

كاشف الحرارة المعتمد على الممانعة (Resistance Temperature Detectors (RTD
الآن لنَعُد إلى التقنيّات المختلفة لناقل الحرارة، لدينا الـ RTD أو Resistance Temperature Detectors، كاشف الحرارة المعتمد على الممانعة هو جهاز تختلف مقاومته وفقاً لدرجة الحرارة، ونظراً لأنّه جهاز غير فعّال “PASSIVE” فيجب تطبيق تيّار كهربائيّ خارجيّ عليه، ومن ثمّ يمكن قياس هبوط الجهد عبرهُ؛ بحيث أنّ هذا الجهد هو تعبير عن درجة الحرارة. ومن الجدير ذكره أنّه عندما نقول عن جهاز ما أنّه غير فعّال، فهذا يعني أنّ الجهاز يحتاج مصدر تيّار (أو جهد) خارجيّ.

عند تطبيق تيّار خارجيّ كبير سيتسبّب بتبديد الطاقة في مقاومة جهاز RTD؛ ممّا سيؤدي إلى حرارة زائدة، لذلك ولتجنّب هذا النّوع من الخطأ يجب أن يبقى التيار في أدنى مستوى، وهنا يُظهِر مخطط توصيل لكاشف RTD والذي يُدعى توصيلة ثُنائيّة الأسلاك “two-wire”، ولكن لقراءة أكثر دقة نحتاج توصيلة الثلاث أسلاك 3-wire أو الأربعة أسلاك 4-wire.
في الواقع تتطلّب المسافة بين نقطة تحسّس الحرارة ونظام القياس وجود الأسلاك، وبما أنّ الأسلاك لها مقاومتها الخاصّة فإنّ بعض أخطاء القياس قد تحدث أيضًا، ولذلك طُوِّرت حلول الـ 3أسلاك 3-wire والـ 4أسلاك 4-wire لإزالة تلك الأخطاء.

يُعتبر كاشف “PT100” من أكثر كواشف RTD شهرةً، والّذي يتكوّن من غشاء رفيع (طبقة رقيقة) من البلاتينيوم platinum مُغطّى (مغلف) بغشاء بلاستيكي، ويظهر مقاومة 100 أوم عند الدرجة 32 فهرنهايت، حيث تختلف مقاومتها وفقاً لدرجة الحرارة، ويمكنها أن تقيس الحرارة في المجال من -330 درجة وحتى 1560 درجة فهرنهايت.
مع العلم أنّ العلاقة بين المقاومة والحرارة لكاشف PT100 هي علاقة خطيّة نسبياً.

إنّ كاشف PT100 هو فقط مثال عن كواشف البلاتينم، وفي الصناعة بإمكانك إيجاد أنواع مختلفة من كواشف RTD بحيث تكون مناسبة لمختلف التطبيقات، مثل النحاس والنيكل.. إلخ.
الثيرمستور Thermistors
• الحماية من التيّار الزائد.
• عناصر التسخين ذاتية التنظيم.
• محدّدات تيّار التدفق أو الإقلاع أو الاندفاع.

يمكن أن تكون الثيرمستورات إمّا NTC أوPTC، ففي حالة الثيرمستورات NTC أيNegative Temperature Coefficient (معامل درجة الحرارة السلبي) تنقص المقاومة بارتفاع درجة الحرارة. ويشتهر استخدام الـ NTC كمحددات تيار الاندفاع.
بينما في حالة الثيرمستورات PTC أيPositive Temperature Coefficient فإنّ المقاومة تزداد بازدياد درجة الحرارة. وهذه الثيرمستورات مشهورة الاستخدام كعنصر حماية من التيار الزّائد، وأيضاً في الفيوزات القابلة لعادة الاستخدام.

المزدوجات الحراريّة Thermocouples
يتكوّن المزدوج الحراريّ أو ببساطة الـ “TC” من زوج من الأسلاك المختلفة الغير موصولة ببعضها البعض والتي تشكل نقطة التحسّس أو الوصلة، وبالاعتماد على الخصائص الفيزيائيّة والتي تسمّى التأثير الحراريّ “Thermoelectric effect”، بحيث عندما تتوضع الوصلة بدرجات حرارة مختلفة تولّد إشارات مختلفة من الميلي فولت، والتي تُفَسَّر على أنّها مؤشر لدرجة الحرارة.

بالمقارنة مع كواشف RTD فإنّ المزدوجات الحراريّة هي ذاتيّة الطّاقة ولا تتطلّب مصدر تيّار خارجيّ، وغالباً ما تُستخدَم المزدوجات الحراريّة للأفران، وغرفة احتراق التوربينات الغازيّة، وقنوات العادم عالية الحرارة.. إلخ، كما وتعتبر الدقة هي التحدي الرئيسيّ للمزدوجات الحراريّة، والتي لا تجعلها أفضل حلّ للتطبيقات التي تحتاج إلى الدقة (التطبيقات الدّقيقة).

أيضاً تحتاج المزدوجات إلى نقطة قياس مرجعيّة تُدعى الوصلة الباردة “Cold Junction”، فغالباً ما تتعرّض وصلة المزدوجة الحراريّة لظروف بيئيّة قاسية، في حين تُثبَّت الوصلة الباردة بالقرب من موقع الجهاز.

اعتماداً على مجال قياس الحرارة والحساسيّة وبعض العوامل الأُخرى في كلّ تطبيق، تتواجد أنواع مختلفة من المزدوجات الحراريّة، مثل: K, M, N, J, E إلخ، فعلى سبيل المثال: يتكوّن النوع “J” من تركيبة الحديد “Iron-Constantan” مع درجة حرارة تتراوح قيمتها ضمن المجال من -40 فهرنهايت وحتى +1380 فهرنهايت، وبحساسيّة حوالي 27.8 ميكرو فولت/فهرنهايت، بينما يُعتبر النوع (Chromel-Alumel) (k) أحد أشهر المزدوجات الحراريّة العامة الأهداف مع حساسيّة تقريباً حوالي 22.8 ميكرو فولت/فهرنهايت، كما أنّ النوع “K” غير مكلف وله مجموعة واسعة من الاحتمالات الممكنة في مجال التشغيل من -330 فهرنهايت إلى +2460 فهرنهايت.

ونظراً لوظيفة المزدوجات الحراريّة المعتمدة على التّأثير الحراري ضمن أنواع مختلفة من الموصلات؛ يجب استخدام النوع الصحيح من الموصلات في حال توضّع المزدوج الحراريّ بعيداً عن أداة القياس “measuring-instrument” (مثل جهاز الإرسال الإلكتروني) وذلك لغرض التوسيع والتمديد، ومن جهة أُخرى ستُضاف إشارة صغيرة مع خطأ صغير تولّدها المزدوجات الحراريّة عند نقطة اتّصال الأسلاك الحراريّة مع سلك التمديد.
حسّاسات الحرارة النّصف ناقلة
تعتمد هذه الحسّاسات على حقيقة أنّ جهد التّوصيل المارّ في النّمط الثنائي P-N النّصف ناقل متناسب مع درجة الحرارة، مثل وصلة الديود أو وصلة (الباعث-قاعدة) للترانزستور، حيثُ تُستخدَم هذه التّقنية على نطاق واسع في الأجهزة الإلكترونيّة وتقنيات الدارات المتكاملة IC.
تُعتبر الخصائص الخطيّة، الحجم الصّغير، والتكلفة المُنخفضة من ميّزات هذه التّقنية، لكن يجب الانتباه إلى المجال المحدود لدرجة الحرارة والّذي هو بين -40 فهرنهايت إلى 248 فهرنهايت، والّذي يجعل منها مناسبة لتطبيقات محددة، وأيضاً وإلى جانب المقارنة بين الكفاءات التقنية قد تكون التّكلفة في بعض الأحيان هي العامل الرّئيسيّ لاختيار الجهاز المناسب.
مقارنة بين حسّاسات الحرارة
تكون المقارنة بين الأنواع المختلفة لحسّاسات الحرارة مهمّة متعدّدة الجوانب، فعلى سبيل المثال إذا أردنا أن نأخذ الدّقة بعين الاعتبار على أنّها المؤشر الأساسيّ والمهم فغالباً ستكون حسّاسات RTD أفضل من المزدوجات، حيثُ أنّ الدقة بحسّاسات RTD تزيد عشر مرات عن الدقة في المزدوجات الحراريّة، أمّا إذا أردنا أن نأخذ جانب الحساسيّة فإنّ كل من RTD والمزدوجات تستجيب بسرعة لتغيّرات الحرارة وبالتكلفة ذاتها إلّا أنّ المزدوجات أسرع، أمّا إذا أردْتَ قياس درجة حرارة الدارات المتكاملة IC أو/و الدارات المطبوعة PCB فتعتبر أنواع أنصاف النواقل السيليكونيّة هي أفضل خيار، مع التّذكير أنّ التكلفة الماديّة قد تكون عامل رئيسيّ في اختيار الجهاز المناسب.

ترجمة: | سارة خضر |
مراجعة: | علي العلي |
تدقيق لغوي: | سلام أحمد |
تحرير: | لبانة مطر |