هل تعلم أنَّ الاتصالاتِ اللاسلكيّةَ تُستخدم وبقُوّة في التّطبيقات الصّناعيّة منذُ ما يقارب 30 عامًا، وتعدُّ العرباتُ الآليّةُ التّحكم والرافعاتُ، هي أوّل مَن استخدم هذه التّقنية.وأصبحتِ الآنَ الاتصالاتُ اللاسلكيّة منتشرةً في تطبيقاتِ الأتمتة الصّناعيّة في شركات تكاملِ النّظم (شركات تقومُ بتجميع أنظمةٍ فرعيّة في نظامٍ واحد لتحقيق غايةٍ ما للزبون) والهيئات الحكوميّة والمؤسّسات الصّناعيّة.وقد تطورت تقنياتُ الاتصال اللاسلكيّ، في السّنوات العشرِ الماضيّة تطورًا هائلًا؛ فانتشرت تقنياتُ الراديو المختلفةُ كـ wireless LAN، كما أثبتت تقنيةُ البلوتوث جدارتَها في تطبيقات الأتمتة الصناعيّة. كلُّ ذلك يحثنا على معرفةِ كيفَ تعملُ الاتصالات اللاسلكيّة.
مميزاتُ الاتّصالاتِ اللاسلكيّة:
تعدُّ المزِيَّة المهمّة للاتصالات اللاسلكيّة في قدرتها على نقل البيانات دونَ الحاجة إلى كابلات النّقل الغالية الثمن، بالإضافة إلى ذلك، فهي تتيح القدرةَ على التّواصل الوقتيِّ المستخدَم في عِدّة تطبيقاتٍ كـ SCADA و RTU. كما تتميز بسرعتها العاليّة؛ وذلك مما يجعلها مناسبةً لنقل بيانات وسائط متعدّدة (فيديو) كما في أنظمة الحماية والمراقبة عن بُعد.
والآن، قد تسأل: كيفَ يمكنُ لتلك المعلوماتِ المتنوِّعة من رسائلَ نصية وصورٍ ومقاطعَ صوتية وغيرِها أنْ تنتقلَ لاسلكيَّا بينَ الأجهزة المختلفة؟
قد يبدو الأمرُ للوهلة الأولى لغزًا محيّرًا، ولكن فَكّ هذه الطلاسم يقبعُ تحتَ كلمةٍ واحدة، ألَا وهي: الكهرومغناطيسيّة.
يتولد المجالُ الكهرومغناطيسيُّ نتيجة تحركِ شُحنةٍ كهربيّة داخلَ مجالٍ مغناطيسيٍّ. أو بعبارةٍ أُخرى، نتيجة تداخلِ المجالِ الكهربيِّ مع المجالِ المغناطيسيِّ، حيثُ يؤدي التّغيرُ في المجالِ الكهربيِّ إلى تولدِ مجالٍ مغناطيسيٍّ عموديٍّ عليه، والعكسُ صحيح.
وبالكيفيّة نفسِها، تعمل موجاتُ الراديو- وغيرُها من الموجاتِ الكهرومغناطيسيَّة- على نقل البياناتِ، حيثُ يصل التيارُ الكهربيُّ الذي يحملُ البياناتِ المراد إرسالُها إلي الهوائيِّ، فتهتز الإلكترونات مولدةً موجاتِ الراديو؛ وبذلك تبدأ عمليةُ الإرسال كما في المرحلة 1.
وفي المرحلة 2 تنتقل الموجاتُ المغناطيسيّةُ بسرعة الضوءِ حتَّى تصلُ إلي الهوائيِّ المُستقبل، إذْ تحدث عملية عكسيّة في المرحلة 3، فمرورُ الموجاتِ في الهوائيِّ يؤدي إلي تذبذب الإلكترونات؛ فتتولد نفس الإشارة الكهربيّة المحمّلة بالبيانات المرسلة.
ويتغير تردّدُ الموجات الكهرومغناطيسيّة بتغيّر سرعة تولّدِها من جهاز الإرسال، وبذلك يصبح لدينا ترددات مختلفة، يُستخدم كلٌّ منها لغرض معينٍ، ويُطلق على مجموعة التّرددات المتقاربة- في الاستخدام والنطاق- (الطيف الكهرومغناطيسيّ).
فالتّرددُ هو عدد الموجاتِ التي تمرُّ خلالَ الثانيةِ الواحدة، ويُقاس بوحدة الهرتز المكافئةِ لدورة كلّ ثانية.
وهنا، يجدر بنا ذكرَ الطول الموجيّ، فهو المسافةُ بينَ الأطوار المتماثلة للموجة، وقد يكون مقداره أصغرَ من قطر الذرة، وقد يتجاوز قطر الكرة الأرضيّة، في حينِ يمثلُ الزمن الدوريُّ زمنَ حدوثِ دورة كاملة، وهو مقلوبُ التردد.
موجاتُ الراديو
لاحظْ أنّه يمكن أن تكونَ عِدّة موجات كهرومغناطيسية في مكان واحد دونَ أن تتداخلَ بعضُها ببعضٍ، ما دام أنّها تقع في نطاقاتِ أطيافٍ مختلفة، مثلَ: موجات الراديو، وموجات الهاتف الجوال، أو الوايفاي wifi.
تمتلك موجاتُ الراديو أكبرَ طول موجيِّ، وأصغرَ ترددٍ؛ لذا فهي تُستخدم في الاتّصالات البعيدةِ المدى.
ترددات ELF, VHF, UHF
سنستعرض الآن بعضَ نطاقات التّردد، الشائعة الاستخدام:
(ELF) الترددات المتناهية الصغر، حيث تتراوحُ بين 3 30 هرتز، وطولها الموجيّ بين 104 – 105 كم.
(VHF) ويرمز للترددات العاليّة جدًّا، حيث تتراوحُ بين 30 : 300 ميجاهرتز، وطولها الموجيّ من 1 : 10م
(UHF) ويتراوح ترددُها بين 300 ميجا: 3 جيجا هرتز وطولها الموجيّ من 1م: 10 سم.
مَنِ المسؤولُ عن تحديدِ استخدامِ التّرددات؟
تتولّى الجهاتُ الحكوميّةُ مسؤوليةَ تعيين الاستخدامات المتنوعة لنطاقات التّردداتِ المختلفة، كهيئةِ الاتّصالات الفيدراليّة في الولايات المتّحدة، ولجنةِ الاتّصالات الالكترونيّة في أوربا.
تشوّهُ الموجات
حين تنطلق الموجاتُ الكهرومغناطيسيّة من الهوائيّ، فإنها لا تسير في مسارٍ محدد إلى جهازِ الاستقبال، بل تشعُّ في اتجاهات متعّددة.
لذلك نجد موجاتِ الراديو تنعكس عندَ اصطدامها بالمباني الكبيرة، وتنثني على الحوافِ الحادّة، بل قد تتبعثر على الأجسامِ الصغيرة.
تختلفُ التشوهاتُ والتضعيفُ وزمنُ الوصولِ باختلافِ المسارِ الذي تسلكُه الموجاتُ وصولًا إلى هدفِها.
تقع مهمّةُ تجميعِ الموجات وتنقيتها على عاتقِ جهازِ الاستقبال، ويطلقُ على الموجاتِ في هذهِ الحالةِ (multipath channel)
ترميز البيانات وفكّ شفرتها
نأتِي الآنّ إلى مرحلةِ استخراجِ البياناتِ، وهِي أصعبُ المراحلِ في عمليّةِ الاتصالِ اللاسلكيِّ، نتيجةً للتشوهاتِ والتّداخلِ الذي يحدثُ في الموجاتِ المستقبلةِ.
وللتّغلبِ علَى هذهِ المشكلةِ، فإنّنا نقومُ بترميزِ البياناتِ قبلَ إرسالِها، حيثُ نضيفُ إليها كودًا للتحققِ من صحتِها عندَ استقبالِها، كَي يُسهلُ تصحيحُ التالفِ مِنهَا.
وبعدَ ذلكَ، نحوّلُ تلكَ البياناتِ إلى رموزٍ، ثُمًّ نقومُ بعمليةِ التضمينِ modulation عن طريقِ تغييرِ سعةِ الإشارةِ وَفقًا لقيمِ البياناتِ، وإرسالِ الناتجِ إلى الهوائيِّ.