نظام تحديد المواقع العالميّ (GPS) هو تكنولوجيا ملاحةٍ تعطي معلوماتٍ دقيقةً عن موقعٍ ما باستخدام الأقمار الصناعيّة ، وعادةً ما يتكوّن نظام تحديد المواقع من مجموعة أقمارٍ صناعيّةٍ وأدواتٍ متطوّرةٍ كالمستقبِل، حيث يجب أن يشتمل النّظام على أربعة أقمارٍ صناعيّةٍ على الأقل، وتُجهّز كلٌّ من الأقمار الصناعيّة والمستقبل بساعةٍ ذريّةٍ مستقرّةٍ، وتتمّ مزامنة ساعات الأقمار مع بعضها البعض ومع السّاعات الأرضيّة، ويمتلك المستقبل ساعةً أيضاً ولكنّها ليست متزامنةً وهي أقلّ استقراراً، هذا ويجب تصحيح أيّ انحراف في ساعة القمر الصناعيّ عن الساّعة الأرضيّة بشكلٍ يوميٍّ، كما يتطلّب تحديد الموقع حساب أربعة مجاهيلٍ (ثلاثة إحداثيّاتٍ والانحراف عن ساعة الأقمار الصناعيّة) من قبل الشّبكة المتزامنة من الأقمار الصناعيّة والمستقبل، ومهمّة المستقبل هي تلقّي الإشارات من شبكة الأقمار الصناعيّة وحساب ثلاث معادلاتٍ مجهولةٍ للوقت والموقع.تضمّ إشارة نظام تحديد الموقع كوداً ذي عشوائيّةٍ زائفةٍ، وزمن الإرسال وموقع القمر الصناعيّ في لحظة الارسال،  وتسمّى الإشارة المنبعثة من قبل نظام تحديد المواقع أيضاً بتردّد الحامل مع التّعديل، ويتكوّن الكود ذو العشوائيّة الزّائفة من متتاليةٍ من الأصفار والواحدات، ويُحسب موقع المستقبل وانحراف ساعة المستقبل عن زمن نظام المستقبل معاً باستخدام معادلات الملاحة لمعالجة زمن الرحلة (TOF) (الوقت اللازم لوصول الإشارة من المرسل إلى المستقبل) ووقت الرّحلة مكوّنٌ من أربعة قيمٍ يشكّلها المستقبل اعتماداً على وقت إرسال ووصول الإشارة، ويتمّ تحويل الموقع إلى موقعٍ على خطوط العرض والموقع على خطوط الطّول والارتفاع بالنّسبة لنقطةٍ مرجعيّةٍ (عادةً مستوى سطح البحر)، ومن ثمّ تُعرض الإحداثيّات على الشّاشة.

عناصر نظام تحديد المواقع العالميّ

بنية نظام تحديد المواقع العالميّ هي بنيةٌ معقّدةٌ وتتألّف من ثلاثة أقسامٍ رئيسةٍ: قسم الفضاء، وقسم التحكّم، وقسم المستخدم، ويعدّ إطلاق القمر الصناعيّ إلى مدار الأرض الأوسط عملاً شاقاً، ويتألّف قسم الفضاء من 24 إلى 32 قمراً صناعي أو مركبةٍ فضائيّةٍ في المدار نفسه، وتدور كلّ ثمانيةٍ في واحدٍ من ثلاثة مداراتٍ دائريّةٍ، ليكون هناك على الأقلّ 6 أقمارٍ صناعيّةٍ يمكن رؤيتها من سطح الأرض من أيّ مكانٍ كان.

يلي قسم الفضاء قسم التحكّم، ويضم قسم التحكّم محطّة التحكّم الرئيسة ومحطّة تحكّمٍ رئيسةٍ بديلةٍ وهوائيٍّ أرضيٍّ ومحطّة مراقبةٍ،  ويضمّ قسم المستخدم الآلاف من أجهزة تحديد المواقع المدنيّة والتجاريّة والعسكريّة، ويمتلك المستقبل هوائيّاً مضبوطاً على التردّد المرسل من قبل الأقمار الصناعية، كما أنّه يمتلك شاشة عرضٍ للتّزويد بالموقع والوقت.

يتمّ تصنيف المستقبل حسب عدد الأقمار الصناعيّة التي يمكنه مراقبتها في وقتٍ واحدٍ، هذا ما يسمّى بعدد القنوات، وعادةً ما يملك المستقبل 4 إلى 5 قنوات، ولكن تم الوصول حديثاً إلى 20 قناة.

تردّدات عمل الأقمار الصناعيّة

تبثّ كلّ أقمار نظام تحديد المواقع إشارات ٍلاسلكيّةً، وتتضمّن حزم التردّدات خمسة أنواعٍ هي L1، L2، L3، L4، L5 وتتراوح تردّدات هذه الحزم بين 1176 MHz و1600 MHz.

كيفيّة عمل نظام تحديد المواقع العالميّ

تدور أقمار نظام تحديد المواقع العالميّ مرّتين حول الأرض في اليوم، وتقوم الأقمار بالدّوران في مسارٍ دقيقٍ جدّاً وترسل إشارة الدّلالة والمعلومات للأرض، ويتلقّى المستقبل المعلومات ويستخدم التثليث لتحديد الموقع الدّقيق للمستخدم، كما يقوم المستقبل بمقارنة الزّمن الذي تمّ عنده إرسال الإشارة من القمر مع الزّمن الذي تمّ استقبالها فيه، ويبيّن فرق الوقت بُعد المستقبل عن القمر الصناعي، ويقوم المستقبل بحساب البعد الدّقيق عن عدّة أقمارٍ صناعيّةٍ أخرى ويحدِّد موقع المستخدم ويعرضه على خارطة الجّهاز الالكترونيّ.

يجب أن يُشبك المستقبل مع إشارة ثلاثة أقمارٍ صناعيّةٍ على الأقلّ لكي يحدّد الموقع الثنائيّ الأبعاد ويلاحق حركة المستخدم، وباستخدام أربعة أقمارٍ صناعيّةٍ أو أكثر يتمكّن المستخدم من تحديد الموقع الثلاثيّ الأبعاد، والذي يتألّف من الموقع على خطوط العرض والموقع على خطوط الطّول والارتفاع، وبعد حساب موقع المستخدم تقوم وحدة تحديد الموقع بحساب معلوماتٍ أخرى كالسّرعة والاتّجاه والمسافة والوجهة ووقت شروق وغروب الشّمس.

ما مدى دقّة نظام تحديد المواقع العالميّ؟

تمتلك مستقبِلات نظام تحديد المواقع العالميّ دقّةً عاليةً بسبب تصميم القنوات المتوازية العديدة، حيث أنّ القنوات المتوازية سريعةٌ جداً ودقيقةٌ ولكن يمكن لبعض العوامل كالضّجيج والاضطرابات الجويّة أن تؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على دقّة المستقبل أحياناً.

يمكن للمستخدمين الحصول على دقّةٍ أفضل عن طريق استخدام نظام تحديد المواقع العالميّ التفاضليّ (DGPS) الذي يصحّح إشارات نظام تحديد الموقع إلى دقّة ما يقارب 3 إلى 5 أمتارٍ، ويدير خفر السّواحل الأمريكيّ أكثر خدمة نظام تحديد المواقع التفاضليّة شيوعاً.

يتألف النظام من مجموعةٍ من الأبراج التي تستقبل إشارة نظام تحديد المواقع، وتقوم ببثّ الإشارة الدّقيقة عبر أجهزة بثٍّ (beacon)، وللحصول على الإشارة الدّقيقة يجب أن يمتلك المستخدم مستقبل إشارةٍ تفاضليٍّ وهوائيّاً بالإضافة لامتلاكه وحدة نظام تحديد المواقع.

مصادر أخطاء إشارة نظام تحديد المواقع

تضمّ العوامل التي يمكن أن تخرّب إشارات نظام تحديد المواقع وبالتّالي تؤثّر على الدّقة ما يلي:

  • تأخيرات طبقتيّ الأيونوسفير والستراتوسفير: حيث تنخفض سرعة إشارة القمر الصناعيّ عند عبورها طبقات الغلاف الجويّ، ويحتوي نظام تحديد الموقع على نموذجٍ يُستخدم في حساب مدّة التّأخير المطلوبة لتصحيح هذا النّمط من عدم الدّقة.
  • تعدّد طرق الإشارة: يحدث هذا الخطأ عندما تنعكس الإشارة عن أسطحٍ كالمباني المرتفعة والصخور الضّخمة قبل وصولها المستقبل، ويزيد هذا الأمر من زمن وصول الإشارة ويسبّب بالتالي أخطاءً وخللاً في الدّقة.
  • الأخطاء المداريّة: تسمّى هذه الأخطاء أيضاً بأخطاء التقويم الفلكيّ (Ephemeris) وتُستخدم لحساب أخطاء الدّقة في موقع القمر الصناعيّ.
  • عدد الأقمار الصناعيّة في مجال الرؤية: تعتمد دقّة النّظام على عدد الأقمار التي يمكن للمستقبِل رؤيتها، وتحجب عواملٌ مثل المباني، والتضاريس، والتداخل الالكترونيّ الاستقبال وتؤثر على دقّة الإشارة وتسبّب أخطاءً في الموقع وفي بعض الأحيان تحجب الإشارة كاملةً، وعادةً لا يعمل النّظام داخل المباني أو تحت الماء أو تحت الأرض.

استعمالات نظام تحديد المواقع العالمي

لا يقتصر استخدام نظام تحديد المواقع على التّطبيقات العسكريّة بل هناك العديد من التّطبيقات المدنيّة:

  • علم الفلك: يستخدم في علم الفلك وحسابات ميكانيك الأجسام السماويّة.
  • المركبات المسيّرة ذاتياً: يتمّ استخدامه أيضاً في المركبات المسيّرة ذاتياً (دون سائق) لتحديد المواقع للسيّارات والشّاحنات.
  • شبكات الخليوي: تأتي معظم الهواتف النّقّالة مزوّدةً ببرامج تحديد المواقع، وتستخدم من أجل تحديد موقعٍ المستخدم أو إيجاد الخدمات القريبة مثل الصرّافات الآليّة والمقاهي والمطاعم.. إلخ، وتمّ إطلاق أول هاتفٍ نقّالٍ حاوٍ على نظام تحديد المواقع العالميّة في التّسعينات، ويستخدم نظام تحديد المواقع في شبكات الخليويّ من أجل تحديد أماكن مكالمات الطّوارئ والعديد من التّطبيقات الأخرى.
  • الإنقاذ من الكوارث وخدمات الطوارئ الأخرى: يعدّ نظام تحديد المواقع أفضل طريقةٍ لتحديد الموقع في حال حدوث أيّة كارثةٍ طبيعيّةٍ، ويساعد النّظام في تقدير الوقت المتوقّع قبل حدوث الأعاصير.
  • تعقّب الأساطيل: يستخدم نظام تحديد المواقع العالميّ من قبل المطوّرين لتعقّب السّفن الحربيّة خلال الحروب.
  • تحديد موقع السّيارة.
  • التعقّب الجغرافيّ: يمكن استخدام نظام تحديد المواقع لملاحقة إنسانٍ أو حيوانٍ أو سيّارةٍ، ويتمّ وصل الجهاز إلى المركبة أو الإنسان أو طوق الحيوان ويقوم بتعقّب المكان بشكلٍ مستمر.
  • الوصم الجغرافيّ أو وضع العلامات الجغرافيّة: يعطي إحداثيات محليّةً لأغراضٍ رقميّة.
  • تحديد المواقع للمنقّبين: يستخدم لتحديد الموقع بدقةٍ على مستوى السنتيمتر.
  • جولات تحديد المواقع: يساعد في تحديد المواقع الجاذبة.
  • مسح الأراضي: يستخدم نظام تحديد المواقع العالميّ للمساعدة في رسم الخرائط.

    المصدر: هنا
    ترجمة: عدي ناصر ,مراجعة:لؤي ديب, تدقيق لغوي: مي همدر، تصميم :علي العلي, تحرير: كرم ديوب.