في سابقة هي الأولى من نوعها، ابتكرت شركة (Atom Power) أوّل قاطع كهربائيّ رقميّ مُصنّع لغرض الاستخدام التجاريّ، وأُدرج هذا القاطع ضمن المعيار العالميّ لحماية المستهلك. يتميّز هذا القاطع بسهولة تحكّمه في الكهرباء، ويُعتبر أسرع ب 3000 مرّة من أفضل قاطع ميكانيكيّ معروف حتّى اليوم. وبهذا يُعدّ هذا الابتكار أحد أكثر التطوّرات الجذريّة في نظم توزيع القدرة الكهربائية منذ عهد العالم “توماس إديسون”.لإدراك أهميّة هذا الابتكار، تخيّل لوحة التوزيع الكهربائيّة الموجودة في الطابق السفليّ من منزلك. كلّ مفتاح مخصّص لأحمالٍ كهربائيّة مختلفة في منزلك. صُمِّمَت هذه المفاتيح لفصل الدائرة الكهربائيّة، وذلك لمنع الأسلاك الكهربائيّة من التأثّر بالحمل الزائد، والذي يؤدّي إلى رفع درجة الحرارة والتسبّب في نشوب حريق. عندما يحدث هذا، تذهب إلى لوحة التوزيع الكهربائيّة وتضغط على المفاتيح مرّة أخرى حتّى يعود التيّار الكهربائيّ.

الآن، قم بتكبير هذا النظام البسيط في منزلك إلى المباني الشاهقة في المدينة والمباني الصناعيّة، والتي قد تحتوي على 250 قاطع كهربائيّ في أيّ طابق تتراوح سعة كلّ منها من 15 إلى 4000 أمبير، وتعمل على جهد عالٍ. في هذا النطاق، تصبح حدود ومخاطر نظام القدرة الكهربائيّة المُتحكّم فيه يدويّاً أكثر وضوحاً وتكلفةً.

مميزات القواطع الكهربائيّة الرقميّة

التحوّل إلى العالم الرقميّ:

سعى “ريان كينيدي” الرئيس التنفيذيّ لشركة “Atom Power” منذ أن بدأ حياته المهنيّة قبل 25 عامًا لإنشاء نظام كهربائيّ  متطوّر، وذلك أثناء عمله أوّلاً ككهربائيّ، ثمّ كمهندس ومدير مشروع في مشاريع كهربائيّة تجاريّة كبيرة وعالية المستوى. تمحور استفساره القائم على الخبرة حول تأكيد مركزيّ على أنّ الأجهزة الكهربائيّة التماثليّة لا تسمح لنا بالتحكّم في أنظمة القدرة الكهربائيّة بالطريقة التي ينبغي أن نكون قادرين عليها. أدّت هذه الفكرة إلى بعض الأسئلة المهمّة جدّاً: “ما الذي يتطلّبه الأمر لجعل أنظمة القدرة قابلة للتحكّم؟”، و”لماذا لا يجب أن يكون هذا التحكّم مدمجاً في قاطع الدائرة نفسه؟”

في عام 2014، شرع كينيدي ورئيس قسم التكنولوجيا في Atom Power “دينيس كورويس” في الإجابة عن هذه الأسئلة، وصمّموا بنية تحتية لقواطع الدوائر الرقميّة التي تستخدم أشباه الموصلات الصلبة والبرمجيّات لإدارة تدفّق القدرة من العديد من المصادر المصنّفة والمعروفة لدى المطّلعين على الصناعة باسم موارد الطاقة الموزعة، أو DER. تَدمج المنصّة الرقميّة الحديثة التدفّقات الواردة في جهاز واحد فائق الذكاء، وتقوم بضبط الأمبير ديناميكيّاً بناءً على حجم الطلب والتطبيق.

قال كينيدي لـ Popular Mechanics: “بدلاً من استخدام القواطع الميكانيكيّة للتحكّم بالقدرة، نطبّق المدخلات الرقميّة”. “الآن ليس لديّ أجزاء متحرّكة. الآن لديّ القدرة على توصيل أجهزة، مثل: iPhone وiPad لإدارة الكهرباء عن بُعد، ممّا يزيد من الأمان ويحسّن الكفاءة. يمكنني ضبط لوحة التوزيع على جدول زمنيّ، بحيث يكون تدفّق القدرة الكهربائيّة سلساً وغير محدود، والتحوّل بين المصادر تلقائيّاً. لن تلاحظه حرفيّاً والأضواء لن تومض حتّى”.

ازدياد الاعتماد على مصادر الطاقة المتجدّدة:

يجمع القاطع الرقميّ من شركة Atom Power بين تقنيّة الحالة الصلبة الجديدة وقدرات المراقبة في الوقت الفعلي والربط في الشبكات، ويُعدّ القاطع الأوّل من نوعه الذي تم إدراجه في معايير حماية المستهلك.

عندما نضع التعقيدات الميكانيكيّة للتبديل بين مصادر الطاقة المتجدّدة والشبكة المركزيّة للطاقة قيد الاعتبار، تصبح الفكرة أكثر قوّة. في بعض الأحيان يكون الأمر مستحيلاً تماماً. يعتقد كينيدي أنّ الطبيعة الثابتة لأنظمة توزيع القدرة الحالية هي أحد الأسباب التي تجعلنا لا نشهد اعتماداً واسع النطاق على مصادر الطاقة المتجدّدة على المستوى السكنيّ.

بالنسبة للمنزل الشمسيّ المتّصل بالشبكة، على سبيل المثال، يتعيّن على السكّان في بعض الأحيان فصل مدخلاتهم الشمسيّة لأنّ أنظمة الطاقة التقليديّة (بما في ذلك القواطع الكهربائيّة) ليست متطوّرة بما يكفي لإدارة مصادر الطاقة المتعدّدة ذات الطبيعة المتغيّرة.

باختصار، “لقد تجاوز العالم الحديث مخاطر وقيود القواطع الكهربائية التقليديّة”، كما تدّعي شركة “Atom Power”، ولكنّها أيضاً حقيقة مقنعة عندما تفكّر في أوجه القصور هذه ومخاطر النظام الذي يتطلّب المعالجة اليدويّة لزيادة القدرة الكهربائيّة العابرة وفشلها.

يقول كينيدي: “لا تستطيع القواطع الكهربائيّة التقليديّة أن تُجَاري سرعة تدفّق القدرة، وعندما تسوء الأمور في المباني الكبيرة فإنّها تسوء حقّاً لأنّ لديك عادةً مصدراً أكبر بكثير يغذّي هذا الطلب.”

السّلامة أوّلاً:

تعدّ قواطع الكهربائيّة الرقميّة من شركة Atom Power أسرع 3000 مرة وأكثر أماناً بنسبة 100 في المائة من قواطع الدائرة الميكانيكيّة.

تتسبّب الإدارة السيّئة للطاقة في حصول 30000 حادث خطر كهربائيّ سنويّاً، ويمكن للقوس الكهربائيّ تدمير مبنى بأكمله خلال أسابيع. نظراً لقدرتها على مقاطعة تيّار بسعة 100000 أمبير بسرعة غير مسبوقة، فإنّ القواطع الرقميّة تقضي بشكل فعّال على هذه المخاطر، ممّا يؤدّي إلى تكوين النظام الأكثر أماناً والأسرع والأكثر ذكاءً حتّى الآن.

من المدهش أنّ هذه الفكرة ليست جديدة. لقد حاول المصنّعون ولم ينجحوا في إيجاد حلّ مشابه، ويرجع ذلك أساساً إلى أنّ تقنيّة أشباه الموصلات لم تكن متقدّمة بما يكفي حتّى وقت قريب. بالإضافة إلى ذلك، نظر الكثير إلى المشكلة على أنّها مشكلة في وظيفة قاطع الدائرة، وليست مشكلة تصميم أنظمة شاملة.

بعد تجاوز عقبة 140 عاماً، والتي تضمّنت الالتزام بمتطلّبات معايير حماية المستهلك الصّارمة للبناء والتحمّل، يتمثّل التحدّي التالي لشركة Atom Power في تقليل الخسائر الحراريّة التي تتكبّدها قواطع الدائرة الرقميّة لجعلها فعّالة مثل نظيراتها الميكانيكيّة.

بفضل استثمارات ثلاث من أكبر أربع شركات لتصنيع القواطع الكهربائيّة، وهم: “سيمنز” و”إيه بي بي” و”إيتون”، تأمَل شركة “Atom Power” في مواجهة التحدّي ومواصلة عملها الرائد في تشكيل مستقبل الطاقة الشبكية.


المصدر: هنا
ترجمة: قاهر محمد، مراجعة: علي العلي, تدقيق لغوي: سلام أحمد, تصميم: علي العلي, تحرير: قحطان غانم.