مقدمة:

تتطلب معرفة نوع المتحكم المناسب لتطبيق ما دراسة جميع الميزات والتطبيقات الأساسية لمختلف المتحكمات الصناعية. هل تحتاج إلى متحكم منطقي قابل للبرمجة (PLC) أو متحكم أتمتة قابل للبرمجة (PAC) أو حاسوب صناعي (IPC)؟ يمكنك الاطلاع في هذا المقال على مقارنة بين هذه المتحكمات.

تنتشر تطبيقات الأتمتة للمتحكمات على نطاق واسع، في حين تتماثل المتحكمات المنطقية القابلة للبرمجة (PLCs) والمتحكمات المؤتمتة القابلة للبرمجة (PACs) وأجهزة الحاسوب الصناعية (IPCs) بالكثير من الإمكانيات والميزات؛ لكنها تعمل بدرجات متفاوتة في تطبيقات التحكم الرقمي والهجين والتحكم في العمليات. ولكن، ما هي المعايير التي يجب اتباعها لاختيار المتحكم المناسب لأي تطبيق؟

ينبغي تمييز الميزات المدمجة في كل متحكم، ومن المهم أيضاً الاطلاع على تطبيقاتهم الأساسية لإبراز أوجه التشابه والاختلاف بينهم وبالتالي معرفة نوع المتحكم الملائم للتطبيق المرغوب.

التعرف على أنواع أنظمة التحكم:

يعد الفهم العميق للأنواع المختلفة لوحدات التحكم أمراً مهماً في ظل وجود العديد من الخيارات ضمن عملية اختيار المتحكم، وحتى ضمن كل نوع، PLC على سبيل المثال، يمكن أن يكون هناك عدة عائلات تتنوع من مستوى منخفض إلى مستوى عالي وتختلف فيما بينها وظيفياً.

فيما يأتي توضيح الاختلافات الوظيفية بين أنواع المتحكمات:

المتحكم المنطقي القابل للبرمجة – اختصاراً PLC:

يعد البديل الأساسي للريليه وهو نقطة البداية في المجال برمته منذ ما يقارب 50 عاماً، ويعتبر مناسباً للتحكم  بمجموعة متنوعة من التطبيقات، وعلى الرغم من توفره بعدة بنى ذات عدد ثابت من منافذ دخل/خرج (I/O)، (تدعى غالباً متحكمات Brick PLC)، فإن التصميم الأكثر شيوعاً لهذا المتحكم هو تصميم فعال معياري قابل للتثبيت على رفوف (rack-based)؛ مما يوفر مرونة في تهيئة وإضافة منافذ دخل/خرج اعتماداً على متطلبات النظام، وعادةً ما تكون وحدة المعالجة المركزية (CPU) الخاصة به عبارة عن وحدة تحكم مصممة لغرض معين ومزودة بمعايير اتصال تسلسلي وإيثرنت محدودة، ويستخدم  PLC عادةً البرمجة المنطقية السلمية على الرغم من وجود لغات أخرى متاحة، إذًا هو خيار تحكم آلي جيد ذو أسعار منافسة للغاية.

متحكم الأتمتة القابل للبرمجة – اختصاراً PAC:

هو الجيل التالي من PLC؛ حيث أن هذا النوع من المتحكمات مشابه لمتحكمات PLC  في الشكل والتصميم، إلا أن استخدام التقنيات الحديثة المستوحاة من تقنيات أجهزة الحاسوب والأجهزة المحمولة  طورت من إمكانيات PAC، كما أنها تتمتع بإمكانيات اتصال ومعالجة بيانات موسعة مقارنةً بـمتحكمات PLC، وتمتلك كذلك مجموعة متنوعة من خيارات البرمجة، والتي تستند عادةً إلى معيار البرمجة التابع للجنة الكهربائية الدولية (IEC) 61131-3، والذي يزيد إمكانية التحكم في التطبيقات المتطورة، ولكن حتى مع تطور البرمجة فإن PAC لا تزال تعتمد المنطق السلمي.

الحاسوب الصناعي – اختصاراً IPC:

هو جهاز حاسوب مصمم للعمل بشكل موثوق في البيئة الصناعية، ولكن بمكونات ذات تصميم أحدث وأصغر وأنظمة تشغيل أقل حجماً، حيث أنه لم يعد يشبه الأشكال الشائعة لأجهزة الحاسوب كالحاسوب المكتبي أو حتى الحاسوب المثبت على لوحة، بل يتم الآن تصميم IPC ذو سكة أو حامل؛ مما يوسع مجال التطبيق. ونظراً لأن IPC هو حاسوب بالأصل، فإن قدرة المعالجة القصوى الافتراضية والاتصالات وضبط البيانات الخاصة به تتفوق على متحكمات PLC أو PAC، وقد تلقت بعض الإصدارات المبكرة من IPC  بعض الانتقادات القوية لأنها لم تكن متينة كما ينبغي ولأن أنظمة التشغيل الخاصة بها كانت غير مستقرة بشكل جيد، ولكن إصدارات اليوم قد تحسنت بشكل كبير.

المقارنة بين خواص المتحكمات:

تدخل العديد من الاعتبارات في عملية اختيار المتحكم، ابتداءً بنوع التطبيق؛ حيث من الضروري أن نفهم تماماً احتياجات التطبيق، بالإضافة إلى النتائج المرجوة من نظام التحكم، وذلك لتحديد الخصائص المطلوبة بشكل مناسب، ويمكن أن تكون الخصائص المتحكم واسعة النطاق، وتمتد من الأساسيات (مثل الدخل/الخرج المطلوب) إلى المواصفات الأكثر تفصيلاً (مثل القدرة على معالجة البيانات).

هيمَنت الاتصالات التسلسلية في مجال التطبيقات الصناعية وما تزال، وستظل كذلك لفترة من الزمن، حيث أنها تتمتع  بالقدرة على الاتصال بشكل فعال مع العديد من الأجهزة القياسية عبر معايير اتصال RS-232 و RS-485، لكن معايير اتصال إيثرنت Ethernet قد استحوذت على العديد من الاستخدامات بدلًا من الاتصالات التسلسلية وستستمر في القيام بذلك في مجال إنترنت الأشياء الصناعية (IIoT) والتطبيقات الأخرى المعتمدة على الويب، ويرجع ذلك إلى  ملاءَمَتِها لتطبيقات إنترنت الأشياء، بالإضافة إلى أن شبكة إيثرنت قادرة على الاتصال بالأجهزة القياسية باستخدام اتصال نموذجي 10/100 ميغابت في الثانية.
تتضمن بروتوكولات الاتصال القياسية القدرة على التواصل مع الأجهزة الصناعية القياسية باستخدام البروتوكولات الشائعة مثل وحدة التحكم بالطرفيات البعيدة Modbus (RTU)، وبروتوكول التحكم في النقل Modbus (TCP)، وEtherNet / IP، وProfinet، وغيرها. وتسمح اتصالات البروتوكول المخصص لوحدات التحكم بالتواصل مع الأجهزة الصناعية غير القياسية التي تستخدم بروتوكولات مكتوبة حسب الطلب يتم تنفيذها في وحدة التحكم.

يجب توفير قدر مناسب من الذاكرة لبرنامج المتحكم، ولمنافذ دخل/خرج I/O، ولتخزين ملفات بيانات التطبيق، وللوسوم ((tag names، والتوصيف، وما إلى ذلك.

وتضمن الإمكانيات الجيدة لوحدة المعالجة المركزية أن المتحكم يمتلك القدرة الحاسوبية اللازمة للتعامل مع التطبيق المتاح بما في ذلك عدد مرات المسح السريع والمنطق والبيانات ومعالجة الاتصالات ووظائف أخرى.

توفر البرمجة البسيطة بيئة سهلة للتحكم بالآلات والأنظمة الأساسية، وعادة ما تستخدم لغة واحدة مثل لغة المخطط السلمي، بينما توفر البرمجة المحسّنة واجهة مستخدم أكثر مرونة ولكنها أكثر تعقيداً؛ وذلك لوجود مجموعة متنوعة من خيارات البرمجة التي تشمل لغة مخطط سلمي ولغة structured text ولغة  functional diagramولغة instruction list،

علاوة على ذلك، توفر معالجة البيانات المدمجة القدرة على معالجة البيانات من نظام I/O مباشرة في ذاكرة PLC، ويتطلب الوصول إلى البيانات الخاصة بـ IIoT  توابع أكثر تقدماً لمعالجة البيانات وتخزينها وتسليمها، مثل الوصول إلى قاعدة البيانات والوصول عن بُعد وإشعارات الدفع بالبريد الإلكتروني؛ إذ يمكن دمج الحماية المحسنة للبيانات والتطبيق مع أسماء المستخدمين وكلمات المرور، ولكن غالباً ما يتم تنفيذه في الطبقة التالية من وحدة التحكم على مستوى واجهة الإنسان والآلة (HMI)، أما الميزة الأخيرة المدرجة، والتي تعد الأكثر أهمية أحياناً، هي السعر المعتمد على متوسط تكلفة النظام.

تطبيقات أجهزة التحكم الصناعية:

تعمل أنظمة تحكم معينة بشكل أفضل من غيرها، وذلك بحسب متطلبات التطبيق، ولكن هذا التخصيص غالباً ما يختلف من فرد إلى آخر ومن وظيفة لأخرى.

متحكمات PLC تحلّ مكان الريليات (Relays): 

تعد تطبيقات التحكم بالآلة من أفضل الاستخدامات للمتحكم PLC وأكثرها شيوعاً؛ حيث أن PLC قد صُمّم بالأصل ليستخدم في الآلات وهو بالتأكيد التطبيق الرائد والأمثل له حالياً، وتعتبر العديد من تطبيقات التحكم بالآلة ملائمة لمتحكمات Brick PLC نظراً لشكل تصميمها الصغير ذو التكلفة المنخفضة وسهولة استخدامه، إذ يعتبر PLC خياراً شائعاً بالنسبة للشركات المصنّعة للمعدّات الأصلية (OEM) ويعود ذلك للتكلفة المنخفضة لعتاده الصلب (Hardware) وبرمجياته (Software)، بالإضافة إلى طرق برمجته البسيطة.

من المهم الإشارة إلى أن إمكانيات كل من PLC وPAC متقاربة، حيث أن الفجوة في الأداء الوظيفي بينهما تضيق، مما يوسع مجال التطبيقات الملائمة لكل منهما، ويمكن ملاحظة أن العديد من إمكانيات PAC التي ستتم مناقشتها يمكن أن نجدها أيضاً في متحكمات PLC ذات المستوى العالي.

تطبيقات متحكمات PAC  الموسعة:

يمكن اعتبار PAC متحكماً مناسباً لجميع تطبيقات التحكم تقريباً، وذلك بفضل آلية معالجة البيانات البسيطة فيه. حيث يسمح PAC بالوصول إلى البيانات الموجودة داخل وحدة التحكم لتحسين التشغيل، وبالتالي يعد PAC ملائماً لمجموعة واسعة جداً من التطبيقات نظراً لأعداد I/O الكبيرة، والذاكرة الموسعة، وإمكانيات جمع البيانات المحسّنة.

تتميز متحكمات PAC عن PLC بقدرتها على توفير الحركة المتناسقة والرؤية المتكاملة وهذا ما يجعلها بنفس مستوى IPC، حيث تستطيع هذه المتحكمات غالباً التعامل مع التحكم بالحركة متعددة المحاور وثنائية المحور أو مستويات أعلى من الحركة المتناسقة، ويمكن لبعضها إجراء الاستكمال الدائري إذا لزم الأمر والتحكم بحركة ثُمانية المحور أو أكثر، كما أنها تدعم معايير اتصال عالية السرعة مما يتيح التواصل بشكل جيد مع مستشعرات الرؤية الذكية لنقل البيانات في الوقت الحقيقي (real-time) ذهاباً وإياباً، وكذلك تنفيذ وظائف الحركة الموجهة بالرؤية داخل PAC.

تطبيقات IPC في التحكم بالعمليات:

تعد أنظمةIPC  ملائمة تماماً لتطبيقات التحكم في العمليات بالإضافة للمتحكم التناسبي التكاملي التفاضلي (PID) الشامل ومتطلبات التحكم الحسابية الأخرى، وغالباً ما تحتوي هذه المشاريع المعقدة للغاية على أعداد منافذ I/O تشابهية عالية جداً وتحتاج عادةً إلى مستوى حسابي أعلى وأداء وظيفي متطور لمتحكم PID، وكذلك تعدIPC  مناسبة جداً لتطبيقات جمع البيانات الموزعة وتطبيقات التحكم نظراً لتوفر إمكانيات جمع بيانات موسعة وخيارات اتصال واسعة النطاق.

تستخدم العديد من المصانع الأنظمة ذات المنصة المنزلقة (Skids systems) الأصغر حجماً حيث يتم توزيعها في جميع أنحاء المنشأة ويكون المتحكم الخاص بها معتمداً على نظام PLC، وتتصل متحكمات PLC هذه بجهاز IPC مركزي.

تطبيقات التحكم الهجين:

 تتشابه متحكمات PAC مع  IPC ورغم ذلك تعتبر IPC الأكثر ملاءمة للتحكم بالعمليات المستمرة التي تعمل وفق نظام الدفعات، وللتحكم بالآلات المؤتمتة التي تعمل معاً لتشكيل عملية يتم فيها معالجة المادة الخام للحصول على منتج نهائي جاهز. إذ يتم في هذه التطبيقات استخدام نظام تحكم واحد يتصل بعدة توسِعات خلال عملية المعالجة، ويمكن أيضاً استخدام عدة معالجات مترابطة.

هناك العديد من الاعتبارات التي تدخل في اختيار المتحكم الأكثر ملائمة للتطبيق المطلوب، وتبدأ عملية الاختيار بنوع هذا التطبيق، وكما ذكرنا مسبقاً يمكن التحكم في العديد من التطبيقات عن طريق PLC أو PAC  أو IPC لكن نوعاً واحداً من هذه المتحكمات يكون الأنسب عادةً، وبدراسة النوع المناسب سنحصل على نظام التحكم الأبسط والأصغر والأقل تكلفة.


المصدر: هنا

ترجمة: يارا قاضون، مراجعة: علي العلي، تصميم: علي العلي، تدقيق لغوي: حنين غاليه، تحرير: نور البوشي.