تتكوّنُ الموادُّ حولنا من ذراتٍ و جزيئات، ولفهمِ سلوك المادة الواحدة يُمكن البحث عن خصائصها الكميّة، ولكن اكتُشِفَ بإقرار البحث العلمي وجودُ مقياسٍ أصغرَ من المقياس الجزيئي وهو مقياس النانو؛ جزءٌ من المليار من المتر، إذ يبلغ حجم ذرة المادة حوالي 0.1 نانومتر مما يسمح بتشكيل موادَّ جديدة ناتجة عن إعادة هيكلةِ ذراتِ مادةٍ مختلفةٍ على المستوى النانويّ؛ باعتبارها – أيّ الذرات – البنية الأساسية لها، فظهر مصطلح (تقنية النانو) ليُعبّر عن جميع الأبحاث حول الدراسات والاختراعات المنطوية على خصائص العناصر على المستوى النانويّ.

ماهي تقنية النانو؟

يرمز مصطلح النانو إلى الجزء من المليار من المتر أيّ أصغر من الطول الموجي للضوء، بينما تمثل تقنية النانو جميع الأبحاث المتعلّقة بمعالجة المادة على المستوى النانويّ. ووُجد أن الخواص الكمّية للمادة على المستوى النانويّ تختلف عنها على المستوى الذري، أيّ أنّ مجالَ البحث العلمي المتعلّق بتقنية النانو واسعٌ جداً ويتضمن العديد من فروع العلوم كالكيمياء العضوية والبيولوجيا الجزيئية وعلم السطوح وتخزين الطاقة والهندسة الجزيئية وفيزياء أشباه الموصلات والتصنيع الدقيق.

الأساسيات:

إنَّ أبحاث المستوى النانويّ للمادة رائعةٌ، فهو المرحلة الأساسية لاتّحاد الذرات وتشكيل المادة، ويسمح بتشكيل عدّة مواد مختلفة بإعادة هيكلة ذرّات المادة الأصلية، ويتراوح المقياس النانويّ بين 1-100 نانومتر فهو أصغر من المقياس المجهريّ (الميكرويّ) و أكبر من المقياس الذريّ، ومن المهمِّ امتلاكُ معرفةٍ ممتازةٍ في علوم متعددة بسبب تضمُّن البحث العلمي حول هذه التقنية خصائصَ مختلفة للمادة [الشكل1].

 

Nano technology
                  الشكل 1: جزيئات تقنية النانو   (مصدر الصورة: موقع elprocus)

تختلف قواعد ميكانيكا الكم للمادة على المستوى النانويّ عنها في مستواها الذريّ اختلافاً هائلاً، فقد تتصرف المادة كعازلٍ في شكلها الجزيئيّ وكنصفِ ناقلٍ على المستوى النانويّ، وقد تتغير نقطةُ انصهارِ الموادِّ أيضاً ضمن هذا المستوى بسبب زيادة مساحة السطح، وتشمل جميع أبحاث تقنية النانو الحديثة دراسة هذهِ الخصائص على المستوى النانويّ لمعرفة كيفيّة استغلالها في تطبيقاتٍ جديدة. وتدلُّ هذه التقنيةُ على علم بناء المواد من الصفر باستخدام الأدوات والتقنيات المتاحة اليوم لتشكيل منتجاتٍ عاليةِ الجودة والأداء.

فروع تقنية النانو:

يُعرفُ علمُ معالجةِ الموادِّ لتشكيل الترانزستورات والمعالجاتِ الدقيقة عاليةِ الأداء باسمِ الهندسة النانويّة، فتقنيّة النانو تدرس المادة على المستوى النانويّ وتشمل جميع العلوم المنبثقة ضمن هذا المستوى.بينما يُطلق اسم الطب النانويّ على تطبيقاتِ تقنية النانو في تصنيعِ المنتجات الدوائيّة، وقد ظهرَ مصطلحُ الإلكترونيات النانوية نتيجة شيوعِ استخدام تقنية النانو في تصنيع الأجهزة الإلكترونية.

تعتمد تقنية النانو على نهجي عمل، هما: النّهج التصاعدي والنّهج التنازلي. ففي النّهج التصاعدي تُشكّل المواد بدءاً من عناصر صغيرة وانتهاءً بعناصر أكبر، والعكسُ صحيح في النّهج التنازلي، وبتطوير هذه التقنية على مرِّ السّنوات ظهرت فروعٌ جديدة لها، كميكانيكا النانو وبصريات النانو والنانو الأيونية مُكوّنةً قاعدةً علميةً هامّة لتقنية النانو.

تطبيقات تقنية النانو:

تُستخدم المواد النانويّة في تصنيع المنتجات غير المُعبّئة كالحشوات النانوية المستخدمة في الخلايا الشمسيّة، لتقليل تكلفة إنتاجها، وساهمت تقنية النانو كثيراً في مجال الطِّب الحيوي وخصيصاً في مجال تطوير هندسة الأنسجة وتوصيل الدّواء المُوجَّه (الذكي) والمستشعرات الحيوية، وساعدت في هيكلةِ الحمض النووي الاصطناعي ودراسة الأحماض النووية الأخرى، بينما ساعدت في تصميم جزيئات جيّدةِ البنية في مجال الاصطناع الكيميائي، وتطويرِ تقنياتِ تصنيعٍ جديدة كالطباعة الحجرية النانوية وترسيب الطبقة الذرية.

الإيجابيات والسلبيات:

نشأت علومٌ جديدة نتيجةَ التطور في هذا المجال، فتقنية النانو تسمح لنا بتعديل خصائص المواد تبعاً لاحتياجاتنا؛ فتصبح تلك المواد أمتن وأكثر استقراراً وأقوى وأخَفَّ مع استجابةٍ أفضلَ وموصلاتٍ كهربائية مُحسّنة وغير ذلك الكثير. بينما تماثِل سلبيات تقنية النانو تلك التي تنتج عادةً عن تطوير تقنية جديدة، وأكثرها إثارةً للقلق تأثيرُ هذه التقنية على البيئة ويتبعها تأثيرها على الاقتصاد العالمي. ويتضمن البحث المستقبلي في هذا المجال تطوير الروبوتات النانوية وتطبيقاتها في مجال الأدوية، فقد اقتُرحت أجهزة تصنيع نانويّة جديدة للتطبيقات التجارية المستقبلية وصِيغَت مصطلحاتٌ جديدة كالتّقانة الحيويّة وتقنية الفيمتو، ويُناقَش حالياً استخدامُ الآلات النانوية لتساعد في تطوير المواد والنُظم النانوية الجديدة، وأيضاً تُطوَّرُ المواد التي يَسهُل عكس خصائصها والتحكم بها خارجيّاً.


المصدر: هنا 

ترجمة: مجد زهرة , مراجعة: آلاء خالد محمد آغا, تدقيق لغوي: حنين غاليه, تصميم: علي العلي ,تحرير: رهف المدني