سنشرح في هذا المقال الشحنة الكهربائيَّة والتيّار الناتج عنها، بالإضافة إلى فهم مبدأ عمل الكهرباء.

أولاً: بنية الذرّة

لفهم الكهرباء سنبدأ أوّلاً بالذرّة. المادّة مصنوعة من الذرّات، أجسامنا مصنوعة من الذرّات، كلّ ما هو موجود في الكون مصنوع من الذرّات، حيثُ لا يمكن رؤية الذرّة بالعين المجرّدة، لذلك سنستخدم نموذجاً مبسّطاً ليساعدنا على فهم بنية الذرّة، ويدعى هذا النّموذج بنموذج بور Bohr model.

نموذج بور
نموذج بور (مصدر الصورة: موقع howtomechatronics)

في مركز الذرّة توجد النواة، حيث تتألّف النواة من النيوترونات عديمة الشحنة والبروتونات موجبة الشحنة، بالإضافة إلى الإلكترونات سالبة الشحنة التي تدور حول النواة، حيثُ أنّ بإمكاننا معرفة المادة التي تنتمي لها هذه الذرة من خلال عدد البروتونات والنيوترونات والإلكترونات التي تمتلكها.

ثانياً: مستويات الطاقة

تتواجد البروتونات والنيوترونات في مركز الذرّة، بينما تدور الإلكترونات حول النواة بحركة دائمة ذات مسار ثابت.

الإلكترونات أخفّ بكثير من البروتونات المُتواجدة في النواة، وتستطيع الحركة بسهولة كبيرة وبسرعة تساوي تقريباً سرعة الضوء، وتتحرّك حول النواة في مسارات دائريّة، أو ما يُدعى بمستويات الطاقة shells، حيث أنّ كلّ مستوى من مستويات الطاقة يحتوي على عدد محدّد من الإلكترونات، فيحتوي المستوى الأول وهو الأقرب إلى النواة على 2 إلكترون فقط، والمستوى الثاني يحتوي على 8 إلكترون، بينما يمكن أن يصل عدد الإلكترونات التي يحتوي عليها المستوى الثالث حتّى 18 إلكترون، وهكذا…

مستويات الطاقة
مستويات الطاقة (مصدر الصورة: موقع howtomechatronics)

تُملئ مستويات الطاقة بالإلكترونات بدءاً من المستوى الأقرب إلى النواة وباتجاه خارج النواة، حيثُ يُحدِّد عدد الإلكترونات الموجود في المستوى الأخير من مستويات الطاقة قابليِّة الذرة للتفاعل وتشكيل روابط كيميائية مع ذرّات أُخرى، ولكن عندما يكون المستوى الأخير مليئاً بالإلكترونات فهذا يعني أنّ الذرة مستقرّة، وبالتالي فإنَّ ذلك يُقلّل من قدرة الذرة على التفاعل مع ذرّات أُخرى.

يُعرف المستوى الأخير من مستويات الطاقة بمستوى التكافؤ، والإلكترونات التي يحتويها مستوى التكافؤ تُدعى بإلكترونات التكافؤ. في بعض المواد يكون ارتباط إلكترونات التكافؤ بمستوى التكافؤ ارتباطاً ضعيفاً ممّا يمكّنها من الانتقال من ذرّة إلى أُخرى.

ثالثاً: النواقل والعوازل

تُسمَّى الإلكترونات المتحرّكة بالإلكترونات الحرّة، ويعتمد مدى سهولة انتقال الإلكترونات على المادّة.

المواد الناقلة والعازلة
المواد الناقلة والعازلة (مصدر الصورة: موقع howtomechatronics)

يبيّن الشكل السابق أمثلة عن المواد الناقلة CONDUCTORS والمواد العازلة INSULATORS، حيث تسمح المواد الناقلة للإلكترونات الحرّة بالحركة بحريَّة خلالها، بينما في العوازل تكون الإلكترونات مقيَّدة بإحكام وغير حرّة الحركة، فالمواد إمّا أن تكون ناقلة أو عازلة.

أمثلة عن المواد الناقلة: النحاس – الألمنيوم – الذهب – الفضة – الحديد – البرونز – الستيل – الغرافيت – الخرسانة – الزئبق.

أمثلة عن المواد العازلة: الزجاج – البلاستيك – المطّاط – الكوارتز – الهواء – الخشب – ألياف الزجاج – الإسفلت – الزيت – الألماس – البورسلان.

رابعاً: الشحنة الكهربائيّة

إن الذرّات معتدلة الشحنة، حيث تمتلك نفس العدد من البروتونات والإلكترونات،أي أن محصلة شحنتها الكهربائيّة مساوية للصفر، وتكون الذرّة في هذه الحالة في أخفض مستوى طاقة ممكن، أو ما يسمى بالحالة الأرضيّة.

الذرّة معتدلة الشحنة
الذرّة معتدلة الشحنة (مصدر الصورة: موقع howtomechatronics)

لكن يمكننا تغيير شحنة الذرّة من خلال إكسابها أو إفقادها إلكترون، فعندما تكتسب الذرّة إلكترون تصبح سالبة الشحنة، وبالمقابل إذا فقدت الذرّة إلكترون تصبح موجبة الشحنة. تُدعى الذرّة المشحونة بالأيون الموجب أو السالب.

خامساً: الكهرباء الساكنة

يسبب سحب قدميك فوق سجّادة إنشاء تلامسات بين سطحيهما، ممّا يسمح للإلكترونات بالانتقال إليك، وبالتالي تشكل شحنة ساكنة على سطح جلدك. فبدلاً من أن كل منهما يمتلك شحنة معتدلة، يختل توازن الشحنات، ليصبح سطح الجلد موصل، أما السجّادة فعازل.

مثال عن تكوين الكهرباء الساكنة
مثال عن تكوين الكهرباء الساكنة (مصدر الصورة: موقع howtomechatronics)

بعد ذلك، عندما تلمس مقبض باب معدنيّ، فإنَّ كلّ الشحنات الكهربائيّة ستنتقل من جسدك إلى مقبض الباب المعدنيّ، وذلك كي يستعيد جسدك توازن الشحن، حيث ستشعر بصعقة كهربائيّة بسيطة عندما الإلكترونات التي ستنتقل من جسدك إلى مقبض الباب.

تفريغ الشحنة الكهربائيّة لاستعادة توازن الشحن
تفريغ الشحنة الكهربائيّة لاستعادة توازن الشحن (مصدر الصورة: موقع howtomechatronics)

الطبيعة دائماً تسعى لتحقيق التوازن، أي لتحقيق توازن معتدل للشحنة الكهربائيّة أو شحنة كهربائيّة معدومة، وخلال هذه العملية لا نقوم بإنشاء شحن جديدة، حيث تبقى جميع الشحن ما بين المواد مساوية إلى الصفر، وهذا يقودنا إلى قانون مصونيَّة الشحنة الكهربائيّة، والذي ينصّ على أنَّه لا يمكن خلق شحنة كهربائيّة صافية، بل إنّ الشحنة فقط تنتقل من مكان إلى آخر، والشحنة الكهربائيّة في الواقع هي من أهمّ خصائص البروتونات والإلكترونات.

رمز الشحنة الكهربائيّة وواحدت قياسها الدوليَّة
رمز الشحنة الكهربائيّة وواحدت قياسها الدوليَّة (مصدر الصورة: موقع howtomechatronics)

يُرمز للشحنة الكهربائيّة بالرمز “q”، وواحدة قياس الشحنة الكهربائيّة كولومب Coulomb، حيث يمكن للأجسام أن تكون موجبة أو سالبة الشحنة، وبالتالي يمكن أن تمتلك الشحنة الكهربائيّة قيمة موجبة أو سالبة.

الشحنة الابتدائيّة
الشحنة الابتدائيّة (مصدر الصورة: موقع howtomechatronics)

شحنة الإلكترون الواحد أو البروتون الواحد معروفة باسم الشحنة الابتدائيّة elementary charge، ويُرمز لها بالرمز “e”، حيث أنّ البروتون يمتلك شحنة موجبة +e، بينما يمتلك الإلكترون شحنة سالبة –e، حيثُ:

-e= -1,6.10E-19 Coulombs وَ-1C=6,24.10E18 electrons.

سادساً: التيّار الكهربائيّ

تدفُّق الإلكترونات هو ما يشكِّل التيّار الكهربائيّ.

تدفّق الإلكترونات وتشكيل التيّار الكهربائيّ
تدفّق الإلكترونات وتشكيل التيّار الكهربائيّ (مصدر الصورة: موقع howtomechatronics)

إذا قمنا بالنظر إلى داخل قطعة من سلك نحاسيّ، سنلاحظ وجود ذرّات تتبادل الإلكترونات بسهولة. هذه الإلكترونات قادرة على الانتقال من ذرّة إلى أُخرى بأيِّ اتّجاهٍ كان، فإذا قمنا بإعداد دارة مغلقة بربط السلك النحاسيّ مع مصدر للطاقة -مثلاً بطاريّة- فسيؤدّي جهد البطاريّة إلى انتقال الإلكترونات في اتّجاه واحد، من أحد أطراف البطارية إلى الطرف الآخر، أو من الطرف السالب إلى الطرف الموجب للبطاريّة.

انتقال الإلكترونات الناتج عن تطبيق الجهد
انتقال الإلكترونات الناتج عن تطبيق الجهد (مصدر الصورة: موقع howtomechatronics)

نلاحظ في الدارة المغلقة أنَّ الجهد يؤدّي إلى تدفُّق الإلكترونات في اتّجاه واحد، من الطرف السالب إلى الطرف الموجب للبطاريّة، وإذا قمنا بوصل مصباح كهربائي في الدارة المغلقة، فعلى الإلكترونات أن تمرّ عبر المصباح للوصول إلى الطرف الآخر من البطاريّة، وبالتالي إنتاج الضوء.

قانون التيّار الكهربائيّ
قانون التيّار الكهربائيّ (مصدر الصورة: موقع howtomechatronics)

نلاحظ من الشكل السابق أنَّ:

DQ الشحنة الكهربائيّة التي تعبر خلال مقطع من السلك.

Dt تغيّر الزمن.

A واحدة التيّار الكهربائيّ.

 

التيّار الكهربائيّ هو عبارة عن انتقال الشحنة الكهربائيّة في السلك خلال فترة من الزمن، ويُرمز للتيّار الكهربائيّ بالرمز I، وواحدة التيّار الكهربائيّ هي الأمبير Ampere، حيثُ أنّ الأمبير الواحد يساوي إلى واحد كولومب من الشحنة الكهربائيّة التي تمرّ في مقطع من السلك خلال الثانية الواحدة.

يمكنك مشاهدة الفيديو التالي الذي يشرح بإيجاز ما تكلّمنا عنه في المقال:


المصدر: هنا

ترجمة: عبد الله قدور, مراجعة: علي العلي, تدقيق لغوي: سلام أحمد, تصميم: علي العلي, تحرير: قحطان غانم.