يُعتبر الأردوينو والراسبيري باي من أشهر ألواحِ التطوير بين الطلاب الهواة والمحترفين.  ولكن غالباً ما يخلط المبتدئون والطلابُ بينهما. مثل: ما اللوحُ المناسبُ استعمالُه لمشروعهم، وأيُّ لوحِ أسهل للتعلم ولماذا علينا استخدام الأردوينو بدلاً من الراسبيري باي وبالعكس، ولهذا سنغطّي في هذا المقال النواحيَ التي تجعلهم يختارون بين الأردوينو والراسبيري باي.

الراسبيري باي: هو حاسوبٌ شاملُ الوظائف، مبنيٌّ على أساس رقاقات نظامٍ على الشريحة (system-on-chip) (SoC)، ويعمل على نظام تشغيل (لينكس) المصمّم خصيصاً له، يدعى راسبيان “Raspbian”. يُعتبر راسبيان نظامَ التشغيل الرسميّ للراسبيري باي، كما يمكن تنزيلُ أنظمة تشغيل من مصادرَ أخرى على الراسبيري باي، مثل: نظام تشغيل فايرفوكس، وأندرويد، ونظام تشغيل RISC، و Ubuntu Mate، وغيرها، حتى إنّ ويندوز 10 متوفر للراسبيري باي، ومثل جهاز الحاسب له ذاكرة، ومعالج، ومنافذ،USB  ومخارج للصوت، ومحول رسومات لمنفذ HDMI يعمل على لينكس، حيث يمكن تنزيلُ معظم تطبيقات لينكس البرمجية فيه، وله نماذجُ متعدّدة ونسخٌ معدّلة، مثل: راسبيري باي، وراسبيري باي2، وراسبيري باي نموذج B+ وغيرها.

الأردوينو: هو متحكّمٌ ليس بقوة الراسبيري باي، ولكن باعتباره مكوّناً من مكونات نظام الحاسوب، بل هو قطعة رائعة للمشاريع الإلكترونيّة، فلا يحتاج  إلى أيِّ نظامِ تشغيل ولا عمل تطبيقات برمجية. فلذا نحتاج إلىه في كتابةِ بعض سطور من الكود البرمجيّ لاستعمالِه، وهناك العديد من لوحات تطوير أردوينو: كأردوينو أونو، وأردوينو برو، وأردوينو ميغا، وأردوينو ديو وغيرها.

رغم أنّ هذين اللوحَين مختلفان تماماً  فإنّهما يتشابهان بالمنشأ، حيث اُخترعُ كلاهما في بلدان أوروبية، مثل: الراسبيري باي الذي طوّره إيبين أبتن Eben Upton في المملكة المتحدة، وطوّر ماسيمو بانزي Massimo Banzi الأردوينو في إيطاليا. ويعمل كلا المخترعَين مدرّسَين،  فَطوّرا هذه المنصاتِ كأداة تصميم تعليميّة لطلابهم، وقد  قُدِّمَ الراسبيري باي أوّل مرّة عام: 2012، بينما الأردوينو في عام: 2005.

لنفهم الفرقَ بين الأردوينو والراسبيري باي اعتمدنا نهجاً نناقش فيه حسناتِ الجزءِ الماديّ وسيئاتِه كلتيهما؛ لذلك سنبدأ أولاً بـ:

الميّزات التي يتفوّق بها الأردوينو على الراسبيري باي:

لوح الأردوينو
لوح الأردوينو
  • البساطة:

يعدُّ الربطُ البرمجيّ- للحساساتِ التشابهيّة والمحرّكات والمكوّنات الإلكترونيّة الأخرى مع الأردوينو- سهلاً جدّاً، وذلك فقط ببعض الأسطر البرمجيّة، بينما في الراسبيري باي ثَمَّة كثيرٌ من المتطلبات عند أخذ القراءات من هذه الحساسات، حيث نحتاج إلى تنزيل بعض المكتبات والبرمجياتِ للربط البرمجيّ لهذه الحساسات والمكوّنات وكتابة الرمز البرمجيّ، بينما في الأردوينو تكون العملية أبسطَ؛ لأنّك تحتاج إلى معرفة بنظام التشغيل لينوكس وأوامره لاستخدام الراسبيري باي.

  • قوّة التحمّل:

يعمل الراسبيري باي على نظام تشغيلٍ؛ لذا يجب إطفاؤه بشكل مناسب قبل فصل التغذية عنه وإلّا تعطّلت البرمجيات ونظامُ التشغيل. ويمكن أن يتضرّر لوحُ الراسبيري باي نفسه، بينما الأردوينو هو وصلة فقط، يعمل كجهاز يمكن تشغيلُه وإطفاؤه في أيّ لحظة دون أيِّ خطر ، ويمكن البدء بتشغيل الرمز مجدّداً باستئناف التغذية.

  • استهلاك الطاقة:

الراسبيري باي: قطعةٌ هائلةُ القدرة، تحتاج إلى جهد تغذية 5V ومن الصعب تشغيلها على بطاريات، بينما يحتاج الأردوينو إلى طاقة أقلّ ويمكن تغذيتُه بالبطاريات في يسر.

  • السعر:

من الواضح أنّ الأردوينو أرخص من الراسبيري باي، حيث تبلغُ كلفة الأردوينو حوالي: 10-20$ حسب النسخة، بينما سعر الراسبيري باي حوالي: $35-40.

الميزات التي يتفوق بها الراسبيري باي على الأردوينو:

لوح الراسبيري باي
لوح الراسبيري باي

يمكن أن يعتقدَ المرء أنّ الأردوينو هو الأفضل بعد قراءة محاسنِه التي يتفوّق بها على الراسبيري باي لكن تمهّل، فذلك يعتمد اعتماداً كاملاً على مشروعك ، وأيّة منصّة يتمّ استعمالُها له.

فعاليّة الراسبيري باي وسهولته عاملُ الجذب الرئيس له متفوّقاً بذلك على الأردوينو، وسنناقش في الفقرات التالية بعض مزاياه التي يتفوّق بها على الأردوينو:

  • الفعاليّة:

هذه الميزةُ هي الميزة الرئيسةُ للراسبيري باي، فهو قادرٌ على تنفيذ مهامِ متعدّدة في وقت واحدٍ كالحاسوب، فإذا أراد أحدٌ ما تنفيذَ مشروع معقّد كروبوت متطوّر أو مشروع تحتاج أشياؤه إلى تَحكّمٍ بها من صفحة ويب عبر الإنترنت. عندها يكون الراسبيري باي هو الخيار الأفضل، ويمكن تحويلُه إلى مخدّم ويب ومخدمِ VPN، ومخدّمِ طباعة ومخدّمِ قاعدة بيانات… وهكذا، أن يكون الأردوينو جيّداً جداً إذا أردت فقط تشغيل وإطفاء ليد ولكن إذا كان لديك مئات الليدات التي تحتاج أن تتحكّم بها عبر صفحة ويب، عندها فإنّ الباي هو الاختيار الأمثل.

الراسبيري باي أسرع ُبـ 40 مرّة من الأردوينو، وباستخدامه يمكنك إرسال رسائل إلكترونيّة (Email) والاستماع إلى الموسيقا، وتشغيل فيديوهات ، وتشغيل الانترنت إلخ. وكما ذكرنا سابقاً فإنّ للراسبيري باي ذاكرةً ومعالجَ ومنافذَ USB ومنفذ إيثرنت… ولا يتطلّب قِطعاً خارجيّة لأغلب وظائفه، كما يمكن الوصول له باستخدام بروتوكول SSH ويمكن نقلُ الملفّات ببساطة باستخدام بروتوكول FTP.

  • الوصل إلى الشبكة:

يمتلك الراسبيري باي منفذَ إيثرنت الذي يمكّنه الاتّصالَ مباشرة بالشبكات، كما يمكن تشغيلُ الإنترنت على الراسبيري باي باستخدام بعض المحوّلات (Dongles) (الدونغل هو جهاز صغير يتّصل بالحاسب)، بينما يصعب كثيراً الاتّصال بالشبكة مع الأردوينو، حيث يجب توصيلُ أجهزة خارجيّة وتعريفها وعنونتها بشكلٍ ملائم باستعمال الرمزِ البرمجيّ لتشغيل الشبكة باستخدام الأردوينو. يحتاج الأردوينو إلى لوحات التطوير الخارجيّة التي تدعى بالشيلد (Shield) لجعل الأردوينو يعمل كالراسبيري باي مع الرمز البرمجيّ المناسب للتعامل معها.

  • لا تحتاج إلى معرفةٍ عميقة بالإلكترونيّات:

بالنسبة للأردوينو، حتمًا ستحتاجُ إلى خلفيّة إلكترونيّة ومعرفةٍ بلغات البرمجة المدمجة، ولكن لتبدأ بالراسبيري باي فإنّك لا تحتاج إلى الغوص في اللغات التي تستخدم الرمزَ برمجيًّا، لكنَّ المعرفةَ القليلة بالإلكترونيّات ومكوّناتها كافية.

إلى جانب هذه الميزات، ثمّةَ ميزة إضافيّة وهي إمكانيّة تغيير نظام التشغيل بسهولة على لوح الراسبيري باي المفردة، حيث يستعملُ لوحُ الراسبيري باي كرتَ ذاكرة (SD card) كذاكرة وميضيّة (Flash memory) لتنصيب نظام التشغيل عليها وهكذا، بتبديل كرت الذاكرة يمكنك تغييرَ نظام التشغيل كلّه ببساطة.

مثال:

نستطيع فهم الحاجة إلى أردوينو أو للراسبيري باي في هذا المثال: إذا أردت الإجابةَ عن أيِّ مكالمة هاتفيّة، أوتوماتيكيًّا،  برسالةٍ مسجّلة،  يكون الأردوينو حينها: هو السبيل لذلك. ولكن في الوقت نفسه إذا أردت حظرَ مكالمات الروبوت أو المتصلين غير المرغوبين (Spam callers)، ماذا ستفعل عندها؟ هنا يدخل الراسبيري في الموضوع، حيث يستطيعُ فلترةَ المكالمات غير المرغوبة بقاعدة بيانات للمتّصلين غير المرغوبين عبر الإنترنت أو بإمكانه أيضاً استخدام طريقة لها كفاءة عمل بنفس طريقة الـ captcha للتأكّد من أنّ المتّصل هو إنسان ٌ وليس روبوتاً.

وعليه، يتناسب الأردوينو مع طبيعةِ العمل المتكرّر كفتح البابِ بحضور أحدٍ ما على البوابة، ولكن يستطيع الراسبيري باي عملَ المزيد من الأمور المعقّدة، كفتح الباب للأشخاص فقط، كما أنّ للراسبيري باي قدراتٍ هائلةً في عالم إنترنت الأشياء، حيث تتفاعل الآلاتُ وتتحكّم تحكُّماً مباشراً مع الآلات الأخرى دون تدخلٍ بشري.

خلاصة القول:

يقول بعضُ الأشخاص: إنّ الأردوينو هو الأفضلُ للمبتدئين، ولكنّي لا أتّفق مع ذلك، لأن المبتدئَ يستطيعُ البدءَ بواحد من الاثنين، ويعتمد الاختيار فقط على مشروعك وخلفيتِك الإلكترونيّة، وسأختم بكيفية أخْذِ خيارٍ مناسب بين الاثنين في مشروعك المقبل:

عليك باختيار الأردوينو إذاً:

  • كانت مرجعتَيك إلكترونيّة ،أو أنّك مبتدئ وترغب فعلاً بتعلّم الإلكترونيّات ومكوّناتها.
  • مشروعُك بسيطٌ ولا يتضمّن الاتّصال بالشبكة بشكلٍ خاصّ.
  • مشروعُك يميل بشكل أكبر لمشروع إلكترونيّ، حيث إنّه لا يتضمّن تطبيقات برمجيّة، كإنذار سرقةٍ، وضوء التحكّم بالصوت.
  • لستَ مهووساً بالحاسوب ،ممّن يهتمّ بالبرمجيات ونظام التشغيل لينوكس.

عليك باختيار الراسبيري باي إذاً:

  • مشروعُك معقّد ويتضمّن الاتّصال بالشبكة.
  • مشروعُك أشبه بتطبيق برمجيّ كمخدم VPN أو مخدم ويب.
  • لا تملكُ معرفة جيدةً بالإلكترونيّات
  • تملك معرفةً جيّدة بنظام التشغيل لينوكس والتطبيقاتِ البرمجيّة.

ترجمة:مي همدر
مراجعة:لؤي أزدشير ديب
تدقيق لغوي:محمد بابكر