تعدّ تقنيات الصيانة التنبؤية استراتيجيات فعّالة للحدّ من حدوث أعطال غير متوقّعة في الآلات. وتعدّ مراقبة الاهتزازات أكثر تقنيات الصيانة التنبؤية استخدامًا بسبب كمية المعلومات الكبيرة التي توفّرها عن حالة الآلات.

تستعين المصانع التي تستخدم برنامج مراقبة الاهتزاز بجهاز محمول خاص لجمع البيانات من نقاط محدّدة مسبقًا. حيث تُجمَع بيانات الاهتزاز وتُحَلَّل وتُقرَّر إجراءات الصيانة المناسبة بناءً على تحليل حالة الآلات. وفي كثير من الأحيان، لا يظهر في المعلومات الجديدة عن الاهتزاز أيّ اختلاف أو خطأ عند مقارنتها بالبيانات المحلّلة. وفي هذه الحالة، يكتشف محلّلو الاهتزاز أنهم قد هدروا وقتًا ومواردًا في جمع بيانات اهتزاز لآلات لا تعاني من أي مشكلة.

يواجه تنفيذ برنامج مراقبة الاهتزاز في المصانع تحديات كثيرة بسبب حجم المصانع وعدد نقاط القياس. كما أن تحديد كيفية وكمية جمع البيانات ليس بالأمر السهل. ونظرًا لأن الآلات تختلف في معدّلات الأعطال (أي احتمالية حدوث عطل فيها عند اكتشاف اهتزاز زائد)، يسعى مديرو المصانع إلى إيجاد حلول لمراقبة الاهتزاز باستمرار باستخدام أجهزة ثابتة. لكن هذه الحلول تواجه مشكلة أنّ معظم هذه الأجهزة الثابتة لا تتوافق مع أجهزة المراقبة الموجودة في المصانع، مثل وحدات التحكم المنطقية القابلة للبرمجة (PLCs)، وأنّه يلزم استخدام أجهزة خاصة وإضافية.

تجنّب تعدّد الأجهزة

بدلًا من استخدام أجهزة متعددة، يمكن استخدام مُرسل اهتزاز مثبّت مباشرة على التجهيزات أو ضمن خزينة المعدات الكهربائية (وفق معيار DIN) لتحويل إشارة مقياس التسارع ICP العام (general purpose ICP accelerometer) إلى إشارة 4-20 مللي أمبير تُناسب وحدات التحكم المنطقية القابلة للبرمجة (PLC) (انظر الشكل أدناه). وعند ارتفاع مستوى الاهتزاز، تستقبل المتحكّمات PLC تنبيهات من مُرسل الاهتزاز، فيُطلب من فريق الصيانة التنبؤية فحص المشكلة عن قرب لمعرفة سبب العطل. ولاستخدام أجهزة تشخيص محمولة في هذا الفحص، يُمكن استخدام إشارات اهتزاز أولية تأتي من نفس المُرسل.

 لنظام مراقبة الاهتزاز
الإعداد الموصى به لنظام مراقبة الاهتزاز الذي يستخدم مُرسل اهتزاز مُثبّت على خط أو سكة DIN، ويشمل أيضًا مقياس التسارع ICP ووحدة تحكم منطقية قابلة للبرمجة PLC، مع توصيلها بالكابلات المطلوبة.

ويُعتبر هذا الحل اقتصاديًا لأنه يستخدم أجهزة مراقبة المصنع الموجودة بالفعل، كما هي متحكمات PLC التي تنتشر في كثير من المصانع. وبدلًا من شراء أجهزة مراقبة اهتزاز جديدة وإضافية، يمكن إضافة قنوات قياس اهتزاز بتكلفة ضئيلة. ولا تحتاج إلى تكاليف إضافية للتركيب أو التدريب، لأن الأجهزة جاهزة والموظفين مؤهلين.

بعد اتخاذ القرار بتنفيذ برنامج مراقبة الاهتزاز بالاستفادة من أجهزة المراقبة الموجودة، ينبغي تحديد أيّ الأجهزة المراد مراقبتها وأيّ الأعطال التي يجب اكتشافها في الآلات.

كل آلة لها خصائص مختلفة تؤثر على تكلفة إصلاحها ومدى احتمال حدوث عطل فيها ودورها في عملية الإنتاج. ولمعرفة أسباب الأعطال في الآلات، فهذا يتطلّب فهمًا أساسيًا لأنواع الأعطال الشائعة في الآلات وأنماط الاهتزازات التي تنتج عنها.

الأعطال الشائعة للآلات

قبل البدء في مراقبة اهتزازات الآلات، يجب معرفة كيفية عمل هذه الآلات. لذلك، لا بدّ من البحث عن الآلات المراد مراقبتها والتعرف على طرق عملها وأنواع الأعطال المحتملة فيها.

قد تتعطل الآلات بطرق مختلفة وكلما كانت الآلة معقدة كانت أسباب تعطّلها معقدة أيضًا. من أكثر أسباب تعطّل الآلات شيوعًا في الآلات العادية هي عدم التوازن والاختلال وأعطال المحامل وأعطال تشابك التروس (نتيجة التآكل أو الخدش أو الصدأ). وتختلف اهتزازات كل آلة حسب سبب عطلها مما يُسهّل على الفنيين معرفة مصدر المشكلة. أيضًا تختلف ترددات هذه الاهتزازات حسب نوع عطل الآلة، بينما تساعد شدة هذه الاهتزازات في تحديد مدى خطورة المشكلة.

غالبًا ما تحدث أعطال عدم التوازن والاختلال عند الترددات المنخفضة. كذلك، قد يؤدي العطل الميكانيكي أو الضغط الناتج عن العملية إلى حدوث أعطال عند هذه الترددات. وتتّسم هذه الأعطال باهتزازات عالية في الآلات عند سرعة دورانها، وأحيانًا يصل إلى ضعف أو ثلاثة أضعاف هذه السرعة. وتقع هذه الترددات المنخفضة ضمن مجال يتراوح بين 2-1000 Hz للمعدات التي تعمل بسرعة دوران تقارب 1800 دورة في الدقيقة.

ينشأ العطل الميكانيكي عادة عند وجود محور دوران أو عمود دوران كبير مما يزيد من قوة الاهتزازات. ويكون المجال الأنسب لقياس الاهتزازات بين 0-1 بوصة/ثانية RMS (Root Mean Square). يبين الشكل أدناه مخطّطًا تظهر فيه أنواع الأعطال التي قد تصيب الآلات حسب التردد وقوة الاهتزاز. وقد حُذِفت وحدات التردد وشدة الاهتزاز من المخطط، لأن قيمها تختلف باختلاف نوع وحجم وسرعة الآلات، ولا يمكن رؤية جميع أنواع الأعطال في مساحة محدودة.

تظهر أعطال المحامل عند ترددات غير متزامنة مع سرعة دوران الآلة. وتختلف هذه الترددات باختلاف خصائص المحامل الفيزيائية. ولا بد من بعض القياسات مثل المسافة بين الكرات وقطر المحمل وعددها وسرعة الدوران لحساب ترددات الأعطال التي قد تصيب أجزاء المحامل كالحلقات الخارجية والداخلية أو الكرات. وتوفِّر شركات صناعة المحامل قائمة بترددات هذه الأعطال، وإذا لم تكن هذه القائمة متوفِّرة فيُمكن تقدير التردد بضرب عدد الكرات في سرعة دوران الآلة في 50%.

مخطط أنواع الأعطال الشائعة
مخطط أنواع الأعطال الشائعة حسب التردد وقوة الاهتزاز.

تكون شدات الاهتزاز لهذه الأعطال ضئيلة جدًا لأن كتلة الأجزاء المتحركة في المحامل تكون صغيرة مقارنة بكتلة محور الدوران أو عمود الدوران. وتقع ترددات أعطال المحامل ضمن مجال يتراوح بين 200-5000 Hz، وتكون شداتها منخفضة نسبيّاً. ويُفضَّل استخدام بيانات التسارع عوضًا عن بيانات السرعة، لأن قياس السرعة يؤدي إلى تضخيم الاهتزاز عند الترددات المنخفضة وإلى تخفيفه عند الترددات العالية، في حين أن بيانات التسارع تُظهِر إشارات أقوى عند الترددات العالية وتستطيع قياس شدات أقل لأعطال المحامل. وقد يكون نطاق التسارع المثالي لكشف أعطال المحامل بين 0 و10 G (G  هي واحدة قياس تسارع الجاذبية).

تظهر أعطال تشابك التروس عند ترددات أعلى من أعطال المحامل. وتُحسب ترددات تشابك التروس بضرب عدد الأسنان في سرعة دوران العمود. وتختلف هذه الترددات باختلاف نوع وحجم الآلة، يمكن أن تتراوح ترددات تشابك التروس من 100 Hz إلى أكثر من 10 kHz. وكما ذُكِرَ سابقًا، فإن بيانات التسارع تُفضَّل على بيانات السرعة، لأن قياس التسارع يُظهِر الاهتزاز عند الترددات العالية، ولا يُؤثِّر كثيرًا على الأعطال الميكانيكية أو ظروف الضغط الناتج عن العملية عند الترددات المنخفضة. وقد يكون نطاق التسارع الأنسب لكشف أعطال تشابك التروس بين 0 و50 g peak. ويرسم الشكل 3 مخططًا بسيطًا للاهتزاز يبين فيه علاقة السرعة والتسارع والانحراف مع التردد.

مخطط علاقة السرعة والتسارع والانحراف مع التردد.
مخطط علاقة السرعة والتسارع والانحراف مع التردد.

كيفية اختيار المرسل المناسب

لابدّ من معرفة خصائص الآلة لتنفيذ برنامج مراقبة الاهتزاز بشكل صحيح. ويجب مراعاة ظروف تشغيل الآلة الحالية وأنواع الأعطال التي قد تصادفها، والأعطال التي قد تصيب الآلة عند مراقبة المعدات.

من الضروري اختيار نطاق التردد المناسب لمتابعة تحليل الأعطال للكشف عن الأعطال في الآلة والتنبؤ بفشلها. كما يجب تحديد مستوى شدات الاهتزاز ضمن نطاق التردد المختار حتى تصدر التنبيهات إشارات مُبكّرة عند تدهور حالة الآلة. ويظهر الشكل 4 منISO 10816-1-1995: Mechanical Vibration—Evaluation of Machine Vibration by Measurements on Non-Rotating مستويات تنبيهات محتملة لأنواع مختلفة من الآلات.

مستويات التنبيهات لأنواع مختلفة من الآلات.
مستويات التنبيهات لأنواع مختلفة من الآلات.

ويوجد عامل آخر مهم في أجهزة مراقبة الاهتزاز والتنبيهات هو وجود فترة تأخير زمني لكل نقطة قياس.

الغرض من فترة التأخير الزمني هو منع حدوث إشارات تنبيه خاطئة بسبب الاهتزاز المؤقت الذي قد تسبّبه الحركة القريبة أو التغير في ظروف العملية أو تأثير المعدات أخرى. كما يجب أن تكون فترة التأخير الزمني كافية لعدم إطلاق إشارات تنبيه عند بدء تشغيل الآلات أو إيقافها.

عند بدء تشغيل الآلات أو إيقافها، قد تحدث اهتزازات متزامنة مع التوافقيات الميكانيكية، وقد تصل شدات هذه الاهتزازات إلى مستوى عالٍ. ولذلك، يجب أن تكون فترة التأخير الزمني في حالة الاهتزاز المؤقت بين 5 و10 ثوانٍ، بينما يجب أن تكون فترة التأخير الزمني عند بدء تشغيل الآلات أو إيقافها أطول من ذلك وتصل إلى دقيقة تقريبًا وقد يُفضَّل إلغاء تفعيل مرسلات الاهتزاز وإشارات التنبيه عندها لتجنب حدوث إشارات تنبيه خاطئة.

الخُلاصة

تعدّ مراقبة حالة الآلات عنصر أساسي في الصيانة الحديثة حيث أن تفادي التوقف غير المخطط له ضروري للحفاظ على قدرة الشركة على المنافسة، كما أن مراقبة حالة الآلات الدوارة بتكلفة منخفضة باستخدام مقاييس التسارع ICP العامة، مثل النموذج 603C01، ومُرسلات الاهتزاز المُثبّتة على خط أو سكَّة DIN، مثل النماذج 682A09 أو 682C03، وأجهزة مراقبة المصنع المتوفِّرَة، هي طريقة رائعة للحصول على المعلومات التي تساعد في تحديد حالة آلات المصنع.

ترجمة:ميس حمود
مراجعة:علي العلي
تدقيق لغوي:غزل روميه
تحرير:محمد حنان