سنكملُ في هذا الدرس ما بدأناه في دروس سابقة عن التحكّم في الحركة، فسننطلق من معرفتك بأساسيات عمل المحرّكات الخطويَّة والسيرفو إلى تحديد الحجمِ الصحيح لمحرّك السيرفو الملائمِ لمشروعك، فسنتعلّم كيف نختار المحرّك بناءً على الحمل المراد تشغيلُه وسرعة وتسارع التشغيل وغيرها من المتطلبات التي تختلفُ من تطبيق ﻵخر.
http://https://www.youtube.com/watch?v=9MG8-3QuSyQ&feature=youtu.be
تمرّ عمليةُ اختيارِ المحرّك المناسب بعِدّة عمليات حسابيَّة لتصلَ إلى النتيجة المرجوّة ، وكذلك عليكَ أن تمتَلك معرفةً جيّدة بوحدات القياس المستخدمة في تلك العمليات.
ويُفضِّل بعضُهم إجراءَ العمليات الحسابيَّة يدويَّاً (وسنشرح باختصار كيفيةَ القيام ببعضها) ، بينما يُفضّل آخرون استخدامَ برمجيات للقيام بذلك آليًّاً ، ولحسن حظّنا يوجد كثيرٌ منها متوفّر على الإنترنت مجّانًا!
هدفُ هذا الدرس مساعدتُك في استخدام برنامج لإيجاد القيم اللازم معرفتها لاختيار المحرّك الملائم لك من بين مختلف مصنّعي المحرّكاتِ ، كالسرعة القُصوى وعزمِ الحمل وعزمِ القُصور الذَّاتي.
فلنبدأ أولًا بمراجعة بعض المصطلحات ووحدات القياس التي لا غنى عنها في عمليةِ اختيار محرّكات السيرفو.
عزم القُصور الذاتي
من الأشياء الضروريَّة الواجبُ معرفتها عند شراءِ المحرّك هو مقدارُ القوّة اللازمة لتحريك الحمل فيما يطلق عليه باسم (عزم القصور الذاتي)، ويُعرَف أيضًا بمقدار المقاومة التي يبديها الجسم للتسارع الزاوي، فعزم القصور الذاتي للحركة الدورانيَّة كالكتلةِ في الحركة الخطيَّة.
ولكي نفهمَ أكثر مفهومَ القصورِ الذاتيِّ تخيّل نفسَك مسافراً في قطار أو أيِّ مركبة أُخرى، ثُمَّ توقَّفَتْ هذه المركبة فجأةً ، إنّ ما سيحدث لك في هذه الحالة هو ما نطلق عليه القصور الذاتي.
ويعتمدُ عزم القصور الذاتيّ على شكل الجسم وتوزيعِ كتلتِه؛ فكلّما زادَ تركيزُ كتلة الجسم بعيداً عن مركزه الهندسي زادَ عزمُ قصورِه الذاتيّ.
كما يعتمدُ عزم القصور الذاتي على محورِ الدوران.
ولنضرب مثالًا آخرَ لعزم القصور الذاتيِّ: إذا أردت تحريكَ قرص ٍمعدنيّ ٍساكنٍ على بركة جَليدٍ فستحتاج إلى مقدارٍ معيّن من القوّة لتحريكِه. وكلّما زادت كتلةُ ذلك الجسم زادت معها القوةُ اللازمةُ لتحريكه، وهذا ينطبق أيضا عندَ محاولةِ إيقاف القرص وهو متحرّكٌ.
فعزم القصور الذاتيّ في كلتا الحالتين يعبِّرُ عن مقاومة الجسم لتغيير حركته، ولا بدَّ أن نُفرِّقَ هنا بين القوةَ الكتليَّةَ التي تُعرف بمقدار القوة اللازمة لتحريك الجسم بتسارع خطّي وبين عزمِ القصور الذاتيِّ الذي يُعرف بمقدار العزم اللازم لتحريك الجسم بتسارعٍ زاويٍّ.
خلاصةُ ذلك أنه كلّما زادَ القصورُ الذاتيّ على الجسم تَطلَّبَ قوّة أكبر لتغيير حالتِه الحركيَّة.
الوحدة المعياريَّة SI لقياس عزم القصور الذاتي هي كجم-متر2 ، ويرمز له في المعادلات الحسابيَّة بالرمز I
الكتلة
لنتابع الآن حديثَنا عن العواملِ المؤثِّرة في عزم القصور الذاتيّ، ومن أهمِّ هذه العوامل هي الكتلةُ، فالكتلة هي مقدارُ ما يحتويه الجسم من مادة، ومن البديهي أنّه إذا وُجِدَتِ الكتلةُ وُجِدَ العزم، ولتحديد مقدارِ كتلة مادة ما يجبُ علينا معرفةُ كلٍّ من حجمها وكثافتها.
الكثافة
ونعني بالكثافة مقدار توزيع جزيئات المادَّة، ولكلِّ مادَّة كثافة خاصَّة بها يمكن معرفتُها بسهولة من المراجع العلميَّة المتخصّصة، ويُعدُّ (الكجم) لكلِّ متر مكعّب هو وحدة قياس الكثافة.
الحجم
وهو مقدارُ ما تشغله المادَّة في الفراغ ويُقاس بوحدة المتر المكعب.
وخلاصةُ القول أنَّ الكتلةَ هي كثافةُ X وحدة الحجمِ من المادَّة ويرمز لها بالرمز m وهي تُعبِّر بشكلٍ أساسي عن مقدار القصور الذاتيِّ للجسم.
وبذلكَ يكون قد فرغنا من ذكرِ المصطلحاتِ اللازمة لعملية تحديد حجمِ المحرك الذي تريده لمشروعك وسنستخدم هنا أداةَ Oriental motor لإجراء العمليات الحسابيَّة لاختيار المحرك سواءٌ كان من النوع سيرفو أو محرك الخطوة.
https://www.orientalmotor.com.sg/service/softwaredl/sizing_m/
ومن خلال هذه الأداة يمكننا أيضًا حساب عزم القصور الذاتي اللازم لتشغيل الحمل أو تحديد الكُتلة.
فلنبدأ الآن رحلتَنا في تحديد حجمِ المحرك:
يوفّر البرنامج عِدَّةَ خيارات لمحاكاة الأجزاءِ الميكانيكيَّة. وللتسهيلِ، فإننا سنستخدمُ في هذا المثال الخيارَ الخاصَّ بآليةِ عمل الذراع الميكانيكيِّ.
عزم دوران الحمل
اﻵن نأتي لتحديد أقصى عزمِ دوران يحتاج إليه الحملُ المراد تحريكه، ويمكن أن نشبّهَ العزمَ بالقوة العضليَّة اللازمة لتشغيل الحمل، ويتولّد هذا العزم من عِدَّةِ مصادر:
1- العزم المتولد من المحرّك.
2- قوى الاحتكاك.
3- القوة الخارجيَّة كالضغطِ أو الجاذبيَّةِ الأرضيَّة.
وتُعدّ عملية حساب العزم الكليّ من أصعبِ العمليات لِما تتطلّبه من مهارةٍ ودقَّة، فأوَّلُ ما سنقومُ به حسابُ العزم لكلِّ جزء على حدة ، ثُمَّ نجمع القيم في النهاية.
يمكنك الحصولُ على معادلات حسابِ قيم القصور الذاتيّ الدوّار لمختلف الأشكال ببحث بسيط على شبكة الإنترنت.
ولنفترض أنّ الذراعَ المعدنيّ في هذا المثال أبعادُه 200 مللم 50 مللم 50 مللم ، وفي هذا المثال لن نستخدم صندوقَ التروس لتقليل السرعةِ أو التحكّم في العزم، وسنختار مادةَ الذراع الألومنيوم ونحدد كثافتها بالبرنامجٍ، أو يمكنك تحديد خيار الحساب عن طريق الكُتلة وإدخال قيمتها بالكيلوجرام، وفي هذا المثال سنفترض أن الكتلة 1.4 كجم.
بعد الانتهاء من إدخال المعطيات سيقومُ البرنامج بإيجاد ناتج عزم دوران الحمل عن طريق ضرب قيمة التَّسارع في قيمة القصور الذاتيِّ للحمل.
يتيح لنا البرنامجُ عدَّةَ خيارات أخرى لحساب قيمة قوى الاحتكاكِ على الحمل الأُفقيّ، وقوى الجاذبيَّة على الحمل الرأسي ، وأيّ قيمة أخرى للقوة، ثُمَّ تضرب تلك القوى في نصف قطر الجسم المؤثِّرة فيه لنحصل على العزم.
بعد ذلك يَحسِبُ البرنامج أقصى قيمة للعزم، ويمكن أن يتحمّلها المحرّك عن طريق إضافة جميع القوى معًا وهي في الحالة القصوى، وهذا يحدث عندما يدورُ المُحرّك بالتَّسارع العظميّ أو عندما يتم تحميلُه بكُتلة كبيرة جدًّا.
كما نلاحظ، إنَّ عملية حساب العزم والقوة المؤثّرة ستكون صعبةً جدًّا دون مساعدة البرنامج.
السرعة
سننتقل الآن إلى دراسة خصائصِ الحركة المطلوبة في التَّطبيق. سنختار من القائمة نوعَ المحرّك سيرفو ونختار طريقة كميَّة الانتقال ) travel amount) لحساب السُّرعة وسنستخدم ما يعرف بطريقة شبه المنحرف. ثُمَّ علينا الآن أن ندخل مقدارَ التَّسارع والتباطؤِ في زمنٍ قدرُه 1.5 ثانية أيْ أنَّ زمنَ الحركة الكليَّ 3 ثواني، وسنحدد أيضا ًمقدارَ الدوران؛ فسيدور الذراع 3 مراتٍ بمعدل 360 درجة لكلِّ دورة أيْ إجمالًا 1080 دورةً.
بعد إتمام الحسابات يصبح لدينا قيمة القصور الذاتيّ 139.183 x 10-4 kg·m2
لاحظ عزيزي القارئ أنَّه في المعدّات التي تقوم بحركات تكراريَّة يجب علينا إيجاد سرعة المُحرك للدورة الواحدة مع مراعاة إدخال زمن التباطؤِ والتَّسارع في حساباتنا.
سيعرض البرنامج بعد ذلك قيمَ تشغيل المحرّك التي نريد حسابها، فسنجد أنَّ السرعة القصوى هي 120 دورة في الدقيقة وعزم الحمل 1.098 نيوتن-متر وعزم القصور الذاتيّ 139.183 × 10^-4 كجم.م2.
ما يميز هذا البرنامج هو دعمُه لعدَّة أنواع من المحركات ذات الخصائصِ المختلفة.
فبإمكاننا تطوير النموذج أكثر، بإضافة مكابح كهرومغناطيسيَّة للحفاظ على موضع الحمل عند قطعِ القدرة الكهربيَّة أو حتّى وهو في حالة السكون، ويمكننا كذلك إضافة مُعامل أمان كي نتعاملَ بصورة صحيحة مع أيِّ تغيّر يطرأ على قيمة الحمل.
بعد أنْ انتهينا من تحديد خصائص المحرّك، يمكننا بسهولة اختيار المحرّك المناسب من مختلف الشركات.
احرص دائمًا على اختيار المحرّك الذي يتناسَب مع مصدر القُدرة الكهربيَّة والذي تكون سرعتُه وعزمُه الاعتيادي وأقصى عزم يقوم به- أعلى من القيم التي تمَّ حسابُها .
إن وجدت المحرّك المناسب كان بها، وإلّا يمكنك الاستعانة بالبرنامج لمحاولة إيجاد أقرب محرّكٍ يلائم موصفاتك.
بعد إتمام عمليّة الاختيار تستطيع بسهولة طباعة نتائج القيم التي قمنا بحسابها.
ثَمَّةَ ملحوظة يجب وضعُها في الاعتبار ألا وهي أن محركات السيرفو بإمكانها الوصول إلى أقصى عزمٍ لها عند الدوران بسرعة تترواح من 0 إلى عدَّة آلاف لفَّة في الدقيقة، ما يجعلها غيرَ ملائمة لكثير من التَّطبيقات.
فللتغلّب على هذه المشكلة نستخدم التروسَ المختزلة فمن خلالها نستطيع: تقليلَ السرعة وزيادةَ العزم وتقليلَ نسبة القصور الذاتيّ، غاية ذلك أنَّ معامل التروس يتناسب مع السُّرعة مناسبةً عكسيَّة في حين يتناسب العزم معه طرديَّا بينما تتناسب نسبةُ القصور الذاتيِّ مع مربع معامل التروس.
تسهيلًا للعمليات الحسابيَّة يوفر مصنّعو صناديقِ التروس قيمَ القصور الذاتيّ لمنتجاتهم.
وللحصول على قِيمةِ معامل التروس الابتدائيَّة نقسّم سرعةَ المحرّك على السرعة المطلوبة، ثُمَّ نقسّمُ قيمة العزم على معامل التروس للحصول على قيمة العزم الجديدة، وبناءً على تلك القيمة نختار المحرّكَ المناسبَ.
بعد أن اخترنا المحرّكَ نختار دارةَ القيادة المناسبة تتوافق مع فرق جهد المصدر، القادر على تزويد المحرّك بالتيار اللازم لتشغيلِه.
ويمكننا التحكّم بهذه الدارات بعدَّة طُرق منها التحكّم في قيمة واتّجاه النبضات الرقميَّة أو التَّحكم التَّناظري أو غيرها من الطرق.
ما يميز دارة القيادة هو قدرتُها العالية على التَّحكّم في سرعة المحرّك والتَّغذية الراجعة إليها، وتساهم أيضاً في تقليل كمية الأسلاك والتوصيلات ويوفّر لنا كذلك العديدَ من طُرق الفحص والتَّحليل، كلُّ ذلك يجعل استخدام دارات القيادة للتحكّم في محرّكات السيرفو- أفضل بكثير من طُرق التَّحكّم الأخرى.
يمكنك الآن استكمال باقي الخيارات المستخدمة في النظام كعمودِ المحرّك وصمامه ومكابح الأحمال الرئيسة ومكابح تحجيمِ السرعة.
تذكر دائماً عزيزي القارئ أنّ اختيار المحرّك الملائم لمشروعك مهارةٌ تأتي بالتمرّس، فإن ضاقت بك السُبل يوماً استشر أحدَ مصنّعي المحرّكات أو أحدَ وكلائه.
ترجمة: | عبدالرحمن صابر |
مراجعة: | علي العلي |
تدقيق لغوي: | محمد بابكر |
تحرير: | قحطان غانم |