ما هو الذكاء الاصطناعي (AI) Artificial Intelligence؟
يقصد بالذكاء الاصطناعي برمجة الآلات لتُحاكي في طريقة عملها الذكاء البشري أي التَّفكير مثل الإنسان وتقليد تصرُّفاته، كما يمكن أن يطلق هذا المُصطلح على أيَّة آلة تمتلك صِفات مقاربة لصفات العقل البشري مثل القُدرة على التَّفكير وحلّ المشكلات.
يمتاز الذكاء الاصطناعي بإمكانيَّة اتّخاذ الإجراءات الأفضل لتحقيقِ هدفٍ ما بوقتٍ وجهدٍ أقل، ويعد التَّعلم الآلي فرعاً من فروعِ الذَّكاء الاصطناعي ويقصد به إمكانيَّة تعلُّم برامج الحاسوب تلقائيّاً من البيانات الجديدة دون مساعدة البشر. كما تتيح تقنيَّات التَّعلُّمِ العميقِ التَّعلُّمَ التّلقائيَّ عبر استيعاب كميَّات هائلة من البيانات غير المنظمة مثل النُّصوص أو الصُّور أو الفيديو.
مفهوم الذَّكاء الاصطناعي (AI):
عادةً عندما يَسمع النَّاس معظمهم مصطلح الذَّكاء الاصطناعي أوَّل ما يتبادرُ لأذهانهم الرُّوبوتات، وذلك بسبب ما تقدّمه الأفلام والرّوايات عن آلات شبيهة بالإنسان، والتي نرى بعضها يسبب فوضى كبيرة في العالم الأمر الذي لا يمكن استبعاد حدوثه في المستقبل.
المبدأ الذي يَقوم عليه الذَّكاء الاصطناعي هو تعريف الذَّكاء البشري بطريقة يمكن عبرها برمجة الآلة لتقلّد تفكير الإنسان وتنفّذ المهام المختلفة من أبسطها إلى أكثرها تعقيداً. ومن أجل تحقيق أهداف الذكاء الاصطناعي في تقليد النَّشاط الإدراكي لدى الإنسان، يقوم الباحثون والمطوّرون في هذا المجال بخطواتٍ سريعةٍ وبشكل مُدهش في محاكاة الأنشطة مثل التَّعلُّم والاستنتاج والإدراك. ومن المحتمل أن يكون الباحثون قادرين على تطوير أنظمة لها القُدرة على التَّعلُّم والتَّفكير بشكلٍ أفضل من الإنسان، لكن تبقى هنالك شُّكوك كثيرة حول إمكانيَّة تحقيق ذلك، بسبب الحاجة للتَّجربة البشريَّة، ووجود الكثير من القيود.
مع تقدُّم التّكنولوجيا أصبح هناك معايير جديدة لتعريف الذَّكاء الاصطناعي، فمثلاً الأجهزة التي تقوم بحساب الوظائف الأساسيَّة أو تتعرَّف على نصّ ما عبر النَّظر إلى الأحرف لم تَعُدْ تُصنَّف ضمن الذكاء الاصطناعي، فهي أصبحت وظيفةً أساسيَّةً ضمن الحاسوب. لذا هناك تطوُّر مستمرّ للذكاء الاصطناعي لاستخدامه في العديد من الصّناعات المختلفة، حيثُ يتم الرَّبط بين الآلات باستخدام نهج متعدّد التَّخصُّصات يعتمد على الرّياضيات وعُلوم الكمبيوتر واللّغويَّات وعلم النَّفس والمزيد من العلوم الأخرى.
تطبيقات الذَّكاء الاصطناعي:
تطبيقات الذكاء الاصطناعي لا حصرَ لها، فهو يطبق في مختلف القطَّاعات والصّناعات. مثل استخدامه في مجال الرّعاية الصّحيَّة لتحديد جرعات الأدوية وتقديم العِلاجات المختلفة المخصَّصة لمرضى معيَّنين، وكذلك المساعدة في الإجراءات الجراحيَّة في غرف العمليَّات.
ومن الأمثلة الأخرى لتطبيقاته تصميم برنامج للُعبة الشّطرنج يعتمد على الذَّكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تصميم السَّيارات ذاتيَّة القيادة. ولكن يجب أن تتم دراسة سلوك هذه الآليَّات بشكلٍ جيد حيث أي عمل تَقوم به سيؤثّر على النَّتيجة النّهائيَّة المطلوبة، ففي لعبة الشّطرنج لابدَّ أن تكون النَّتيجة النّهائيَّة هي الفوز باللّعبة، وبالنّسبة للسَّيارات ذاتيَّة القيادة يجب أن يقوم نظام الحاسوب الخاصّ بها بجمع البيانات من الوسط المحيط وحسابها بطريقةٍ تمنعُ حدوث أي تصادم للسَّيارة.
أيضاً للذَّكاء الاصطناعي تطبيقات في القطَّاع الماليّ، حيث يتم استخدامه للكشفِ عن النَّشاط في البنوك والتَّمويل والإبلاغ عن أيّ استخدامٍ غير عادي لبطاقات الصَّراف الآليّ والإيداعات الكبيرة في الحسابات، وهذا كلُّه يساعد في الكشف عن حدوث الاحتيال في البنوك. كما تستخدم تطبيقات الذَّكاء الاصطناعي للمساعدة في تبسيط الحوالات وتسهيلها من خلال بتسهيل عمليَّات الاعتماد الماليّ والطَّلب وتسعير الأوراق الماليَّة.
أنواع الذَّكاء الاصطناعي:
يمكن تقسيم الذَّكاء الاصطناعي إلى مستويَين مختلفين: مستوى ضعيف ومستوى قويّ.
يمثّل الذَّكاء الاصطناعي ذو المستوى الضَّعيف نظاماً مصمماً للقيام بوظيفةٍ معيّنةٍ مثل ألعاب الفيديو كلعبة الشّطرنج التي ذكرناها سابقاً والمساعدين الشَّخصيّين مثل Amazon’s Alexa و Apple’s Siri، والتي تتمثَّل وظائفهم بالإجابةِ عن الأسئلة التي تَطرحُها عليهم.
أمَّا بالنّسبة لأنظمة الذَّكاء الاصطناعي ذات المستوى القويّ فهي تقوم بمهام شبيهة بتلك التي يقوم بها الإنسان، أي أنَّها أكثرَ تعقيداً. وهي مبرمجة للتَّعامل مع المشاكل التي تتطلَّب حلولاً دون تدخُّل الإنسان مثل السَّيارات ذاتيَّة القيادة أو الرُّوبوتات الجراحيَّة في غرف العمليَّات.
اعتبارات خاصَّة:
خضع الذَّكاء الاصطناعي منذ البداية للدّراسة الدَّقيقة من قبل العلماء والمهتمّين به، وهناك فكرة تقول بأنَّ الآلات المصمَّمة بناءً على الذَّكاء الاصطناعي ستكون متطوّرة لدرجة أنَّها ستتفوَّق على الإنسان حتى أنَّه يَصعُب عليه مواكبتها، وسوف تَنطلق من تِلقاء نفسها، وتعيد تصميم نَفسها بمعدَّل مضاعف. كما يمكنها اختراق خصوصيَّة النّاس وحتى استخدامها كسلاح. بالإضافة لذلك هناك مناقشات حولَ أخلاقيَّات الذَّكاء الاصطناعي وتساؤلات عن كيفيَّة التَّعامل مع الأنظمة الذَّكية مثل الرُّوبوتات، هل سيكون لها حقوق كحقوق الإنسان؟. ففي تصميم السَّيارات ذاتيَّة القيادة هناك أمر مثير للجدل حيثُ تميل أجهزتها لحدوث أقل قدر ممكن من المخاطر وأقل عدد من الضّحايا، وذلك بأن تعمل هذه السّيارة على الخيار المسبّب لأقل قدر من الضَّرر.
ومن الأمور الأخرى المثيرة للجدل فيما يتعلق بالذَّكاء الاصطناعي هي كيف يمكن أن يؤثّر على وظائف وعمل البشر، وذلك لأن أغلب الصّناعات أصبحت تقوم بأتمتة وظائف معيّنة لديها من خلال الآلات الذَّكية، فالكثير من العمَّال لديهم قلق من أن يستغنَى عنهم. حيث من الممكن أن يستغنى عن سيَّارات الأُجرة بسبب السّيّارات ذاتيّة القيادة، كما يمكن أن تستبدل الشّركات المُصنّعة العمّال البشر بالآلات والرُّوبوتات المتطوّرة، وبالتَّالي عدم الحاجة لمهارات الإنسان في المستقبل.
ما الأنواع الأربعة للذَّكاء الاصطناعي؟
يمكن تصنيف الذَّكاء الاصطناعي إلى أربعة أنواع:
- الذَّكاء الاصطناعي التَّفاعلي (Reactive AI): يستخدم الخوارزميات لتحسين المخرجات بناءً على مجموعة المدخلات. فمثلاً أنظمة الذَّكاء الاصطناعي للعب الشّطرنج هي أنظمة تفاعليّة تعمل على تحسين أفضل استراتيجيَّة للفوز باللّعبة. هذا النّوع ثابت إلى حد ما، أي أنَّه غير قادر على التَّعلم أو التَّكيف مع الحالات الجديدة. وبالتَّالي، فإنَّه سيعطي نفس المخرجات عند إعطاءه مدخلات متطابقة.
- الذَّكاء الاصطناعي ذو الذَّاكرة المحدودة (Limited memory AI): يمكن لهذا النَّوع التَّكيف مع التَّجربة السَّابقة أو تحديث نفسه بناءً على الملاحظات أو البيانات الجديدة، إلّا أنّ مقدار التَّحديث يكون محدود ومن هنا جاءت تسميته، وطول الذَّاكرة صغير نسبياً. مثال عليه السَّيّارات ذاتيّة القيادة، التي تقوم بالتَّعرف على الطُّرقات وتتكيَّف مع المستجدات التي تحدث، وكذلك تتعلَّم من التَّجارب السَّابقة.
- الذَّكاء الاصطناعي ذو نظرية العقل (Theory-of-mind AI): هذا النَّوع قادر على التَّكيف مع المستجدات بشكل كامل بالإضافة للتعلُّم والاحتفاظ بالتَّجارب السَّابقة. مثل روبوتات المحادثة المتقدّمة التي يمكنها اجتياز اختبار تورينغ Turing، حيث يمكن أن تَخدع أي شخص ليظنَّ أنَّها إنسان، وعلى الرّغم من كونِها متطوّرة ومذهلة إلّا أنَّه ليس لديها الإدراك بالذَّات أو الوعي.
- الذَّكاء الاصطناعي الواعي (Self-aware AI): كما يدلّ عليه اسمه يصبح الذَّكاء الاصطناعي مدركاً بذاته لذاتِه. ولكن هذا النَّوع لا يزال في عالم الخيال العلميّ، ويعتقد بعضُ الخبراء أنّ الذَّكاء الاصطناعي لن يصبح واعياً أو “حيّاً” أبداً.
كيفَ يتمُّ استخدام الذَّكاء الاصطناعي اليوم؟
يستخدم الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع اليوم من خلال تطبيقاته المتنوعة والمتطوّرة بمستويات متفاوتة. حيث تعدّ الخوارزميات التي تقترح ما يعجبك على مواقع الويب هي تطبيقات ذكاء اصطناعي شائعة، مثل برامج الدَّردشة أو المتحدّث الذّكي على سبيل المثال Alexa أو Siri. كما يستخدم الذَّكاء الاصطناعي للتنبُّؤ بالطَّقس وكذلك التنبُّؤ بالمجال الماليّ من أجل تسهيل عمليّات الإنتاج والحدّ من الأشكال المختلفة للوظائف الزَّائدة عن الحاجة (على سبيل المثال، المحاسبة الضريبيَّة أو التَّحرير). أيضاً يستخدم الذَّكاء الاصطناعي في صناعة الألعاب والسَّيارات ذاتيَّة القيادة ومعالجة اللّغة وغير ذلك.
كيفَ يُستخدَم الذَّكاء الاصطناعي في مجال الرّعاية الصّحيّة؟
يمكن استخدم الذكاء الاصطناعي للمساعدة في التَّشخيص. حيثُ يعدّ الذكاء الاصطناعي جيّداً جدّاً في الكشف عن الحالات الشَّاذة الصَّغيرة في الصُّور الطّبيَّة والتَّشخيص بشكل أفضل لحالة المريض من خلال العلامات الحيويَّة للمريض. كما يستخدم في تصنيف المرضى في المشفى، ومتابعة السّجلات الطّبيّة والحفاظ عليها، والتَّعامل مع متطلَّبات التَّأمين الصّحيّ. ومستقبلاً ستتطوَّر هذه الابتكارات لتشمل الرّوبوتات الجراحيَّة بمساعدة الذَّكاء الاصطناعي والممرضات أو الأطباء الافتراضيين واتّخاذ القرار السَّريريّ المشترك.
المصدر: هنا
ترجمة: ايناس حسن، مراجعة: علي العلي، تدقيق لغوي: علي يونس، تصميم: علي العلي، تحرير: معتصم حفيان.
