يوشك إنترنت الأشياء على الخضوع لقفزة هائلة إلى الأمام قليلاً ما يعرف أحد عنها.
سنتعرّف على «روبوتات السرب Swarm Robotics» وكيف أنّ النحل والحشرات الأخرى التي تعيش كجماعات على وشك تغيير العالم.

يعرض المسلسل التلفزيوني ” المرآة السوداء Black Mirror” والمعروف باستكشافه لمستقبلٍ مظلمٍ وبائس في أحد المشاهد الافتتاحيّة لحلقة  Hated in the Nation طائرة دونَ طيار لها شكل نحلة صغيرة تقوم بتلقيح زهرة الأقحوان التي تنعم بالوهج الساطع ليومٍ مشمس.

( مشهد من حلقة Hated in the Nation; المصدر: iotforall)

يصوّر هذا المشهد النادر إمكانيّة استخدام الروبوتات لتحسين الحياة وليس إلحاق الضرر بها في المستقبل. في حين يعرض مشهد آخر انضمام آلاف النحل إلى تلك النحلة في هجومٍ منسّق على امرأة وهذا يبيّن أنّ النحل يعمل كقوّة واحدة وفقَ البيانات الحالية لتحقيق هدف مشترك.

 تتميّز هذه الحلقة بعرضِ أنواعٍ غير معروفة من التكنولوجيا بكثرة، والتي لم تكتشفها معظم قنوات الإعلام. فهي تشير إلى تداعياتٍ تقنيّة لم يسمع بها معظم الناس من قبل، ولكن صمّمت لتغيير كلّ ما نعرفه عن إنترنت الأشياء وتسمى بـ “روبوتات السرب”.

تعدّ روبوتات السرب مجالاً عملياً ممتعاً مستوحى من انتشار إنترنت الأشياء. مؤخراً ركزت تقنيّة الروبوتات على إنشاء روبوتاتٍ مستقلّة مثل أرضيات المصانع الآلية، وربوتات صنع القهوة التي ظهرت في مقاهي Silicon Valley والمطارات المختلفة.

يتطوّر مجال الروبوتات  في الوقت الحالي بكثرة وذلك بفضلِ الرؤى المستمدّة من الأماكن الأكثر احتمالاً ،مثل الطبيعة، ولكن ربما يكون تطوراً ضاراً كما ظهر في مسلسل Black Mirror. ولكن قبل تخمين ماهو أثر هذا التقدم لابدّ من فهمٍ أساسي لكيفيّة عمل روبوتات السرب وماهي التقنيّة التي تعتمد عليها وما يمكن أن تقدّمه فعلياً الآن.

لماذا يجب أن نتعرّف أكثر على تقنية Swarm Robotics؟

 هذه التقنية مستوحاة من عمل سرب الحشرات النافعة في الطبيعة بذكاء؛ إذ تتمثّل إحدى المكونات الرئيسية في تحسين التواصل والاستجابة للملاحظات أثناء العمل كفريق بهيئةٍ علميّة واحترافيّة.. وهذا يشمل فهم كيفيّة تأثير التغييرات المستمرّة في الروبوتات الأخرى ضمن المجموعة على مهام المجموعة وعملها.

يمكن باستخدام إنترنت الأشياء تحويل منازلنا إلى شبكات ذكيّة توفّر لنا جميع وسائل الراحة، ولكن جميع الأجهزة، مثل منظّم الحرارة والثلاجة الذكيّة والغسالات التي تتضمّن نظام Alexa تتّصل بنظام تحكّم مركزي يوجهها ويديرها ويعلّمها ما يجب فعلهُ، حتى ستائر النوافذ الذكيّة التي تفتح تلقائياً كلّ صباح تتضمّن نظام أمانٍ لتتحقّق من كون جارك يقف بالقرب من النافذة أو بعيداً عنها. إلّأ أنَّ هذا الأمر مختلف بالنسبة لروبوتات السرب فهي تتواصل فيما بينها ضمن بيئة متغيّرة باستمرار دون الحاجة لنظامٍ مركزي يقوم بتوجيهها.

لذا سيكون لروبوتات السرب تطبيقات عمليّة في مجال إنترنت الأشياء وسينتج عنها ثورة تقنيّة جديدة

ماهي روبوتات السرب؟

 مجالٌ من الروبوتات مكوّن من مجموعات كبيرة من الروبوتات البسيطة التي تعتمد على مجموعة قواعد محليّة، وكما ذُكرَ سابقاً فهذه التقنيّة مستوحاة من حياة الحشرات مثل النمل والنحل لذا يستفاد من قوّة المجتمع لأداء مهامٍّ تتخطّى قدرات الفرد؛ إذ تحاكي روبوتات السرب الخصائص الوظيفيّة لأسراب الحشرات والتي تتمثل ب:

1. أعضاء بسيطون ومتطابقون تقريباً.

2. نظام تحكّم لا مركزي.

3. عدم التزامن.

من أين جاء إلهام روبوتات السرب؟

يمكن أن نتعلّم الكثير من الحشرات التي تعيش في جماعات كبناء الدبابير لعشّها والتنسيق بين النحل وكذلك تتبّع النمل لطريقها. وقد كنّا نعتقد أنّ حياتها مجرّد ألغاز يصعب فهمها، إلّا أنّه في الآونة الأخيرة أثبتتْ الأبحاث إمكانيّة محاكاة هذه الأنظمة المعقّدة دون الحاجة لمعرفة متقدّمة بها كما كان الاعتقاد في البداية، ففي مستعمرة الحشرات لايهمّ أن يكون لدى كلّ فرد معرفة بحالة المستعمرة كاملة ولا يوجد قائد ليوجّه الأفراد فكلّ فردٍ في مكانه المناسب. وبدلاً من ذلك  توزّع المعلومات الكاملة عن المستعمرة بين الوكلاء الذين يتبادلون المعلومات بينهم عبر أنظمةٍ محدّدة. إلّا أنّه لا يمكن للأفراد متابعة عملهم ما لم يقوم بقيّة الأفراد في السرب بدورهم.

يتبادل أفراد المستعمرة المعلومات الحيويّة كمصدر الغذاء أو في حال كان هناك خطر قريب منهم، وهذا يعتمد على مفهوم موقع كلّ فرد؛ إذ لا يدرك الفرد الوضع كاملاً ولكن يقوم الأفراد بتغيير سلوكهم بناءً على كيفيّة تصرّف زملائهم الذين يدركون التغيير الحاصل مثل النمل الأبيض الذي يغيّر سلوكه وفق تغيير هيكل العش.

سلوكيات التنظيم الذاتي:

يقوم نظام التنظيم البسيط والمعقّد لكلّ عميل بناءً على مراقبة ومحاكاة تفاعلات الآخرين مع بعضهم بعضاً ومع البيئة. تنتقل هذه التفاعلات في جميع أنحاء المستعمرة، وهذا ما يساعد المستعمرة على إنجاز المهام التي لا يمكن إنجازها فردياً. تسمّى التفاعلات بسلوكيّات التنظيم الذاتي.

يجمع التنظيم الذاتي بين أربع خصائص:

  1. تفاعلات متعدّدة
  2. العشوائيّة
  3. ردود الفعل الإيجابيّة
  4. ردود الفعل سلبيّة

إضافةً لهذه الخصائص هناك خصائص عدّة ضروريّة عند التفكير ببناء نظام من روبوتات السرب وهي:

المتانة: يجب الاستمرار في العمل بصرف النظر عمّّّّّّا إذا كان بعض الأفراد قد توقفوا عن العمل أو إذا كانت هناك اضطرابات بيئية.

المرونة في اتّخاذ القرار: القدرة على ابتكار حلول مختلفة بناءً على نوع المهمة.

المرونة مع الأدوار: التكيّف مع تغيير أدوارهم حسب الحاجة التي تفرضها المهمة.

قابليّة التوسع: القدرة على العمل بأحجام مجموعات مختلفة، من عدد قليل من الروبوتات إلى آلاف الروبوتات.

تشير هذه المعايير إلى إمكانيّة تطوير أي تقنيّة تستخدم روبوتات السرب.

الخصائص المرغوب وجودها لدى سرب الروبوتات:

بناءً على ما تم تعريفه والخصائص التي ذكرت أعلاه. هناك  معايير عدّة تُستخدم في تطوير تقنية الروبوتات المتعدّدة وأنظمتها :

يجب أن يتكوّن السرب من روبوتات مستقلّة، يمكن أن تستشعر أو تعمل في ظروف الحياة الواقعيّة.

يجب أن يتكوّن السرب من مجموعة كبيرة بقدر ما تسمح به قواعد التحكم.

يجب أن تكون الروبوتات متجانسة فمن الممكن أن يكون هناك  أنواع عدّة من الروبوتات داخل السرب، إلّا أنّه لا يوجد العديد من الأنواع المختلفة.

يجب ألا يكونوا مستقلين، أي أنّ المهمة الرئيسية التي يتعيّن إكمالها يجب أن تتطلب التعاون.

يجب أن يكون لديهم القدرة على الاستشعار والاتّصال المحلي فقط ولا ينبغي أن يفهموا الصورة العامّة أو دور السرب ككلّ.

تؤخذ هذه الخصائص التي يجسّدها ذكاء سرب الروبوتات من مستعمرات الحشرات الاجتماعيّة. وقد كان لعلماء الأحياء دوراً رئيسياً عند بدء البحث في تقنيّة روبوتات السرب.

تعرف تقنيّة روبوتات السرب على أنّها نظام متعدّد الروبوتات ذاتي التنظيم وتتمثّل خصائصه الرئيسية في التكرار الكبير للروبوتات.

لماذا الاستثمار في تقنيّة روبوتات سرب؟

يمكن لروبوتات السرب أن تساعد على تحقيق أنظمة مرنة وقابلة للتطوير مع نسبة منخفضة جداُ من الأخطاء في مختلف قطّاعات العمل والصناعة نظراً للخصائص المذكورة أعلاه. كما تتيح تطوير الأنظمة التي تتعامل مع مجموعة متنوعة من ظروف التشغيل وبيئاتها. يتميّز سرب الروبوتات بالمرونة كونه منظم ذاتياً وموزعاً جيداً. كما تعمل الروبوتات ديناميكياً في مهام مختلفة وفقاً لمتطلبات البيئة المتواجدة فيها، دون الاعتماد على أيّ معلومات خارجيّة أو بنية أساسيّة موجودة مسبقاً فيها.

كما يمكن باستخدام ربوتات السرب إنشاء أنظمة قابلة للتطوير؛ إذ لا يؤثّر إدخال أو إزالة الروبوتات على أداء السرب (أي تغيير عدد ربوتات السرب). كذلك يتيح الاستشعار والاتصال المحلي قابلية التوسع، بشرط ألّا تتغيّر كثافة السرب كثيراً ؛ إذ يتفاعل كلّ روبوت مع العدد التقريبي نفسه من أقرانه. أيضاً يمكن من خلال روبوتات السرب إنشاء أنظمة قابلة للتكيّف عند حدوث خللٍ لدى روبوت أو أكثر من الروبوتات المكوّنة للسرب. من خلال وجود عبورٍ آمن في حال حدوث خلل في أحد الروبوتات دون أن يتسبّب ذلك في تعطّل السرب بأكمله. يُبرز وجود تكرار في هيكلة السرب، فلا توجد وحدة تحكّم مركزية أو روبوتات ذات أدوار محددة مسبقاً. وهذا يساهم في الحفاظ على استمراريّة الأداء في وجود أي عطل.

المصدر: انقر هنا

ترجمة:ايناس حسن
مراجعة:ايليا سليمان
تدقيق لغوي:تيماء العبيد
تحرير:محمد حنان